القاهرة (الاتحاد)
شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للمسلمين تحية تميزهم عن غيرهم، من الأمم ورتب عليها الثواب، وجعلها حقاً من حقوق المسلم على أخيه، وعمل يتقرب به إلى الله تعالى، واستجابة لأمر رسوله، وهذه التحية، هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهي تحية الملائكة وأهل الجنة، قال تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، «سورة يونس: الآية 10». وأمرنا الله بمخالفة الأمم السابقة، فشرع لأمة الإسلام إلقاء التحية، قالت السيدة عائشة أن النبي قال: «مَا حَسَدتْكُم اليهود على شيء ما حسدَتكم على السلام والتأمين»، وقال الحافظ ابن حجر: وهذا يدل على أنه شُرِعَ لأمة الإسلام دون اليهود، قال أبو هريرة أن النبي قال: «خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله».
وقال النووي: كان هذا شرعا لما قبلنا، وجاء شرعنا بتقريره، فإنه سبحانه أخبر أنها تحية آدم عليه السلام وتحية ذريته من بعده فلم يزل ذلك شرعاً معمولاً به في الأمم على اختلاف شرائعها إلى أن انتهى ذلك إلى رسول الله، فأمر به وبإفشائه، وجعله سبباً للمحبة الدينية، ولدخول الجنة.
وأمر الله عز وجل بإفشاء السلام، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى? تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى? أَهْلِهَا ...)، «سورة النور: الآية 27»، وقال تعالى: (... فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى? أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ...)، «سورة النور: الآية 61»، وقال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ...)، «سورة النساء: الآية 86». كما حثَّ رسول الله على إلقاء السلام، قال: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». وقال العلماء إن السلام سُنَّة والرد فرض، قال صلى الله عليه وسلم: «حق المسلم على المسلم خمس، رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس»، وسئل رسول الله: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها، قال صلى الله عليه وسلم يوماً: «يا عائشُ، هذا جبريل يقرئُك السلام»، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.