5 ديسمبر 2010 20:52
يعزو تراجع مؤشرات الأسهم الصينية مؤخراً إلى زيادة التضخم والمخاوف مما ستفعله بكين لتحجيم ارتفاع أسعار الغذاء والعقارات. غير أن محللين ومسؤولين ويقول مساهمون صينيون إن السوق تتفاعل مع أكبر حملة حكومية جدية لسنوات تهدف الى التصدي لعمليات التداول الداخلية والتلاعب في الأسهم.
يذكر أن مؤشر الأسهم الصيني تراجع لأكثر من 9% في أقل من أسبوعين بنهاية الشهر الماضي. وهبطت أسعار الأسهم بالسرعة الشديدة نفسها التي كانت ارتفعت بها في موجة تفاؤل شهدت ارتفاع المؤشر قرابة 20 في المئة بين 8 أكتوبر و 11 نوفمبر. وتزامن ذلك الهبوط مع حملة واسعة النطاق أعلنها مؤخراً مجلس الوزراء الصيني للتصدي للوضع المؤسف لعمليات تداول الأسهم.
ويقول خبراء إن أسواق الصين تشوبها غمامة ضبابية ومضاربات غير مشروعة. فالجميع من صغار مستثمري التجزئة الى كبار مديري الصناديق يتداولون الأسهم والسندات على ما يبدو من خلال حصولهم على معلومات من معارفهم الذين يزعمون أن لديهم بيانات داخلية.
ويشير فرازر هووي المشارك في تأليف كتاب “الرأسمالية الحمراء” وغيره من الكتب عن أسواق الأسهم في الصين إلى أنه “إذا سألت أي مستثمر صيني عما إن كان يعتقد أن رئيس مجلس إدارة شركة أو أي مدير فيها يتداول أسهم تلك الشركة، فإن 90 في المئة سيردون بأنهم يتوقعون أن ذلك يحدث بقدر ما يتوقعون أيضاً حصول موظفي الحكومة على رشى”.
ويعتبر الإعلان الذي صدر مؤخراً أول مرة تعالج فيها الحكومة الصينية علناً مسألة تداول الأسهم داخلياً وفسره المستثمرون على أنه إشارة الى عزم الحكومة على القضاء على فقاعة أسهم جديدة. وكثيراً ما تزامنت حملات الحكومة السابقة ضد تلاعبات السوق (مثل تلك الحملات التي أطلقت عامي 2001 و2007) مع مساعي مشرعي قوانين الأوراق المالية الى السيطرة على زيادة الأسعار المتسارعة. ويبدو أن مستثمرين ومديري صناديق صينيين يتأهبون لرفع دعاوى في الوقت الذي بدأ فيه ظهور أول ضحايا لهذه الحملة.
وتتردد أنباء في وسائل الإعلام الصينية عن أنه يجري بالفعل التحقيق مع ثلاثة من كبار مديري الصناديق في ظل إجراءات التشديد الجديدة. وأنكر هؤلاء المديرون الثلاثة أنهم يخضعون لأي تحقيقات، غير أن اثنين منهم استقالا من الوظيفة في اثنين من أكبر صناديق الاستثمار الصينية. وعلى الرغم من أن هذه ستكون أكثر حملات التشدد صرامة الرامية الى التصدي للتداولات الداخلية منذ سنوات إلا أن لدى بكين سجلاً ضعيفاً فيما يخص الممارسات المخالفة التي يقول كل من في السوق إنها في زيادة مطردة. ففي السنوات الثماني الماضية لم تقم لجنة تشريع قوانين الأوراق المالية في الصين سوى بإحالة 90 حالة فقط من حالات التداول الداخلي الى التحقيق الجنائي والنيابة بالمحاكم الصينية.
وفي سبتمبر الماضي، أضحت شركة عقارات تسمى “دراجون وينج ديفلوبمنت” أول شركة صينية تتهم بالتداول الداخلي منذ عام 1997. ووصف وو جنجليان الخبير الاقتصادي بالحكومة الصينية مؤخراً سوق الأسهم الصينية بأنها في عهد “بارونات السرقة”، وأشار إلى انتشار تداول الأسهم الداخلي وسط موظفي الحكومة. ويقر كبار مشرعي القوانين المنظمة الصينيين أن بعض المسؤولين الحكوميين وأقرباءهم هم من أكثر المخالفين انتهاكاً للقوانين وأن المشكلة خطيرة حتى وسط أولئك المفترض أنهم يحافظون على أمن السوق. بل ترددت في السوق شائعات عن انتهاكات تحدث في لجنة تشريع قوانين الأوراق المالية ذاتها منذ أواخر أكتوبر حين انتحر أحد موظفي قسم الإشراف على السوق باللجنة بإلقاء نفسه من أحد المباني في بكين.
ولكن بالنظر إلى سجل الحكومة الضعيف وشبكة العلاقات والمحسوبية التي تحمي معظم المسؤولين في نظام الصين ذي الحزب الواحد لا يعتقد محللون أن هذه الحملة ستفلح في القضاء على عمليات التداول الداخلي. ويقول ليو جايينج بروفيسور علم الاقتصاد في جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون إن لدى مسؤولي الحكومة الصينية صلاحية التأثير على قرارات الأعمال في الشركات المدرجة، الأمر الذي يعطيهم مزايا هائلة عن المستثمرين العاديين وحوافز ضخمة لشراء أسهم قبل ما يتخذونه هم من إجراءات. ويقول ليو: “يقع صلب المشكلة في نظام الموافقة الإداري غير المبرر بالصين وأخطر شيء هو تسريب المعلومات من قرارات واضعي السياسات. وهذه عبارة عن مشكلة في النظام ذاته وأن العديد من اللصوص هم في دوائر التشريع التنظيمي نفسه”.
نقلاً عن فاينانشيال تايمز
ترجمة عماد الدين زكي