ليست السعادة ثمرة ما تلبد في مكان ناء، بل هي هنا، إنها في صميم الروح، نحن الذين نصنع جلبابها الناصع عندما نكتشف أن التعاسة هي من نتاج الآخر. تكمن السعادة مثل لب الرمان، بين تلافيف شحمة الثمرة، عندما يعي الإنسان أنه مخلوق من كتلة سميكة من رماد الماضي، ويفكر في الانزياح، والخروج من الشرنقة بقوة الوعي يستطيع الفرد منا أن يقبض على سعادته، يستطيع أن يكتشف أنه بإمكانه أن يصبح سعيداً عندما يقرر أنه بالفعل سيكون سعيداً فيما لو تخلص من نفايات العقل.
لقد قال فرنسيس بيكون، وهو فيلسوف وعالم إنجليزي إن «المعرفة قوة» والرجل على حق، لأن «الأنا» لا تكون قوية إلا بمزيد من أكوام المعرفة، ولكن قوة الأنا لا تعني صحة النفس، بل إن المعرفة من دون وعي تصبح وبالاً، وتصير ركاماً يثقل الروح، ويجعلها تئن تحت سطوة هذا الوزر مما يُلحق بالمرء الإحساس بالتعاسة، والإحباط، والقنوط.
نحن لا نقع تحت وبال التعاسة إلا لأننا اخترنا ذلك، وقد يتعجب الإنسان من هذا البوح، فكيف يمكن للفرد أن يجلب لنفسه التعاسة؟ هكذا هي الأنا لدى الفرد، عندما تتورم، تصبح مثل مكب النفايات، فلا تختزن غير البقايا، والفضلات، ومن هذه البقايا المعارف التي يكبها الآخر في العقل، ولكنها معارف ربما تكون أشبه بالفقاعات، وهي كذلك.
نحن بحاجة إلى التنقية، وإلى تصفية ماء النهر من الشوائب حتى تستطيع الطيور السباحة فيه من دون عوائق، أو مكدرات.
في الإمارات وخلال الوباء العظيم، استطاع الإنسان أن يختار سعادته، بالخروج من المأزق الصحي بأقل الخسائر، وذلك لأن الحكومة تمكنت من توفير كل ما يسعد الإنسان، وكل ما يتيح له الترفيه عن نفسه، وكل ما يمنع عنه الإحساس بالإحباط، فمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة (لاتشلون هم) كانت جديرة بأن تقشع عن العيون الغشاوة، وتفتح أفق الفرح، وتشرع نافذة الأمل أمام الناس أجمعين، وكانت هذه المقولة مدعمة بجهد وبذل قامت به المؤسسة الصحية، والسعي قدماً إلى تنفيذ نداءات القيادة الحكيمة، بتكريس العمل من أجل الحفاظ على حياة الناس، ولهذا كانت سعادة الناس في الإمارات اختياراً استراتيجياً، وهي الحقيقة التي برزت أثناء المواجهة، وما تلاها من نتائج صحية مبهرة.