كيف يمكن أن تجعل من النجاح ثقافة؟ تساؤل يبرز أمام كل ساع للنجاح والتميز، حدد إجابته ووصفة تحقيقه فارس المبادرات والتميز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بقوله: «أقللنا الكلام.. وأكثرنا العمل». مؤكداً أن «نجاح الشعوب هو في غرس ثقافة النجاح في كل مكان، من العامل في مطارها إلى مكاتب مدرائها، ومن مقاعد طلابها، إلى مجلس وزرائها».
 اليوم عندما يطلق الفارس خطة دبي 2040، فإنما هي امتداد لتلك الرؤية التي تجعل من الإمارات إجمالاً ودبي أفضل مكان للعيش والإقامة والعمل، رغم تصدرها العديد من المؤشرات العالمية. الحفاظ على الصدارة والتفوق مسؤولية عظيمة لا تتحقق إلا بالمزيد من العمل والإنتاج، وبالقليل جداً من الكلام، انسجاماً مع رؤيته بأن «تدع الأعمال تتحدث عن نفسها». وهي رؤية لا يستوعبها أولئك الذين اختاروا التكلس والتجمد خلف المكاتب، ويكتفون بإطلاق التقارير الزاهية التي ترضيهم، بينما العمل الذي يقدمون محدود جداً قياساً بصخب الكلام.
وعندما تضع أية جهة تحت المجهر مواردها للوصول إلى سر الإخفاق وتراجع الأداء تصطدم بالحقيقة المؤلمة المتعلقة بترجيح كفة الإداري على العناصر المنتجة، فالتخمة التي تعاني منها تلك الجهات في الجانب الإداري غير المنتج، تأتي في مقدمة أمراض التورم الوظيفي المعرقل للسير بذلك القطاع نحو الأمام. وقد لعبت مخرجات التعليم في فترة من الفترات دوراً كبيراً في إفراز الظاهرة التي تعانيها العديد من الجهات والدوائر الحكومية وحتى شبه الحكومية.
 العديد من الجهات مضت قدماً في مراجعة وإعادة تقييم الأداء فيها، بالتركيز على العناصر المنتجة والمبدعة وإبرازها وإتاحة الفرصة لها، بعد أن أدركت ضرورة معالجة الترهل الإداري في مفاصلها لضمان تحقيق أهدافها وغاياتها على دروب الإنتاج والنجاح والتميز. وتحرص قيادتنا الرشيدة على إيلاء هذا الجانب الحيوي اهتماماً كبيراً، من خلال الرعاية والمتابعة، كونه المدخل لتعبيد الطريق نحو الصدارة والتفرد.
تكريس «ثقافة النجاح» يتطلب عدم الالتفات للمثرثرين محترفي الكلام أو التخندق خلف الشعارات واللوائح التي صاغوها بحسب مقاسهم لتقييد انطلاقة الآخرين، ممن يحرصون على أن يكونوا أكثر تميزاً ونجاحاً، وقد تجاوزتهم الإمارات بسنوات ضوئية وتركتهم خلفها في ذات المعسكر الذي آثروا الإقامة فيه، وتجمدوا داخله وتحولوا «ظاهرة صوتية» وطاقة سلبية لا مكان لها في «وطن السعادة والإيجابية».