وطن المعرفة يزف البشرى لكل من لديه في الجعبة حلم، ولكل من يجد في حقيبته العلمية وعي بأهمية أن نكون في العالم زهرات تتفتح بتلاتها عن عطر، وسبر وخبر.
وطن المعرفة يقود كواكب النور باتجاه سماء نجومها أفراد، والضوء من سنا وعي تحدر من نسل تاريخ إماراتي بامتياز، لا يدانيه تاريخ إلا هو، ولا يشبهه إلا هو، لأن الإمارات تعلقت بالحلم منذ أن مخرت سفن السفر الطويل عباب المحيط، وسارت تخب على موجاته، كأنها النوق الساريات في البيداء، والسهل المعشوشب بسنابل الخير، وكل ما فاضت به طبيعة الإمارات اليوم وقد تفتحت حبات القمح، وازدهرت وأزهرت، ومدت خيوطاً للدنی، صارت الإمارات في الحقول جداول، وصارت فصولاً تمني الأمنيات بالعطاء الجزيل، وتهدي العالم جيلاً مترعاً بالطموحات، ممعناً في البحث عن الذات، وتحقيق الأهداف السامية التي ترفع من شأن الوطن، وتنجز مشروعه الإنساني بكل لباقة، ولياقة، حيث المجد الإنساني يكمن هنا، في هذه الدار الطيبة، وعلى أرضها تترعرع أشجار السخاء، وتثمر، وتزدهر ببرتقال الفرح، من أجل عالم يذهب إلى الحياة، مشفوعاً بابتسامة النصر على كل العواقب، وكل ما يعرقل، وكل ما يذهب العرق سدی، وطن المعرفة، وطن الخطوات العارفة، وطن الوثبات المنجزة، وطن لا تعيقه نكبات، ولا تصده خبرات، هو في المجمل، وطن فصلت راياته لأن يكون في الحياة قمرة لا تخبئ نوره غيمة، ولا تطفئ وهجه نأمة، في الأساس، وفي البداية والنهاية وطن ارتفعت هامته لكي يرى ما لا يراه الآخرون، ولكي يلمس عين الشمس، محتدماً بحرقة الأشواق، وتوق العشاق، وملهمات القصد، والقصيدة، ومدهشات النجوم الفريدة.
هكذا يسعى الوطن دوماً باتجاه الفرادة، كونه بني وعيه بناء على أمر الفطرة الإماراتية، وهي فطرة الإنجاز الذي لا تحده حدود، ولا يقف عند مفصل أو فاصلة، ولا يكون في الوجود سوی نهر، أبعاده هي الجهات الأربع، وزواياه حادة إلى درجة الانفراج منفرجة إلى حد الاستقامة، متأصلة كأنها الجذور في أتون الأرض، متجذرة كأنها الشرايين في القلب، متواصلة كأنها الأنسجة في الجسد الواحد.
وطن المعرفة تجاوز نفسه، وارتقى حتى وصل إلى أعلى قمة في حبل المعرفة، وها هو اليوم يقطف ثمار المسعى، ويبوح للعالم بما جادت به قريحة الأبناء، وما فاضت به ينابيع مواهبهم.
وطن المعرفة، هو الفيض، والروض، وهو النهج، والمهج، وهو السيل والسبل، هو كل ذلك وما زال في تلابيب الطموحات معنى، ومغزی.