ازدهرت مدينة العلمين بأعلام الأمة ونخبة عشاقها ومحبي نهضتها، وقادة تنميتها، ورواد سلامها وأمنها واستقرارها، وحلم شعوبها نحو مستقبل باهر مثمر زاهٍ بالطموحات، متجلٍ بالتطلعات، ناصعٍ بقوة الإرادة، وصلابة العزيمة، ونقاء السريرة. لقاء جمع قادة طالما تطلعوا إلى غد مشرق ونهار شمسه، من بريق الوعي بأهمية أن يكون العرب حاضرين في المشهد العالمي، فاعلين في تجلياته، ذاهبين في خضمه بإدراك وشعور أننا لسنا في الهامش، بل نحن في الصلب والترائب، نحن في العمق وفي الغور نتشارك مع العامل في صناعة رغيف الحياة، وفي صياغة اللوحة التشكيلية لمعمله السياسي والاقتصادي، والثقافي، ولا يمكن للعالم أن ينهض منفرداً وبدون أن يكون للعرب ساعد البناء، وهدب الظلال التي تحمي من اللظى، وتحفظ من الغبار، وتستر من العوز، وتمنع من الفاقة، وتدفع الضرر وتأخذ بعجلة التطور نحو غايات أبعد وأشمل، وأوسع، وأكمل. لقاء العلمين فيه من الومضات ما يجعل الأمل وضاء، ومن التفاؤل مضاء بمصابيح الآمال العريضة، طالما هناك حراس للحقيقة، ونبراس للحياة وناقوس يتدفق بنبرات الحس السياسي، والشعور الدائم بأهمية أن يلتقي نجباء الأمة، ونبلاؤها، من أجل تكريس وحدة الرؤى، وترسيخ القواسم المشتركة بين البلدان الأربع، وهي ثيمة التاريخ العربي، وشيمته، وقيمته، ودوره في صناعة الحضارة الإنسانية والتي طالما ارتوت من جداول هذا الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج، وهو المسار الحقيقي للثوابت التي بنيت على أثرها الحضارة الإنسانية، وارتفعت راياتها، وازدهرت مناراتها، وتطورت قيمها، وترسخت جذورها، حتى أصبح العالم الروافد العظيمة لنهر عملاق اسمه العالم العربي. هذه هي حقيقة ما يحدث في الواقع الإنساني، وما يتم اليوم على أرض العلمين ما هو إلا استكمال لمسيرة تاريخية طويلة، كانت قافلة السياسة العالمية تمر من هنا قبل أن تذهب إلى أي مكان آخر، لأنه قدر هذه المنطقة بأن تكون المحور لعجلة الفعل السياسي، والجوهر للحركة البشرية على وجه الأرض. اليوم يقوم قادة المنطقة بشغف، فطري لبناء هذه المنظومة العربية المتآلفة، والمتفاهمة على ثوابت لا يمكن التفريط بها، منسجمين في حقل التضامن حتى لا يستطيع المرء تمييز الألوان بين هذه الدول الأربع، لشدة ما يجمعها، وما يجعلها واحداً في المجموع، وكلاً في واحد. هذه السمات لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة حتمية للوعي الذي يجمع الجميع، وهي صفة الرجال الذين يبنون أوطاناً، بمستوى المحيطات، والجبال، والأنهار.