اللعب.. ماذا يعني هذا السلوك الذي يصاحبنا منذ نشأتنا الأولى؟
هذا السلوك الطبيعي والجميل الذي نبذل جهداً كبيراً في معرفته. هذا السلوك الذي نراه حتى عند الحيوانات صغارها وكبارها.
هذا السلوك الذي نستلطفه ونطلبه ولكننا في الوقت نفسه قد نقلل من شأنه. ويبدأ هذا التقليل من الشأن في تعاملنا مع أطفالنا الذين (يلعبون!)، فالأطفال لا يفعلون شيئاً سوى اللعب، ولكنهم لا يعرفون أنهم يلعبون بالمفهوم الذي نعنيه نحن الكبار. فالدراسات العلمية تثبت أن اللعب هو سلوكهم الطبيعي وليس لديهم سلوك مغاير لسلوك اللعب حتى يتمكنوا من التفريق بين ما هو لعب وما ليس كذلك. إن هذا التفريق يدعي أن اللعب سلوك لا ينتج شيئاً مفيداً،أو أنه سلوك لا غاية له، أو أنه عبث ومضيعة للوقت.. إلخ من التسميات التي تعبر عن الجهل بهذا السلوك الطبيعي. إن اللعب في صيغته الأولى عند الإنسان هو السلوك الطبيعي الأول للبحث عن المعرفة. ويستمر هذا السلوك مرافقاً للإنسان في مراحل تطوره الفسيولوجية والاجتماعية والحضارية، إلا أنه في كل مرحلة تدخل عليه أشكال من الضبط والتوجيه والغايات. فاللعب يبدأ منذ مراحل التطور الأولى عند الإنسان: فبعد أشهر قليلة من ولادة الطفل يبدأ في محاولة مسك الأشياء، فنسارع إلى شراء (خشخيشة) له فيأخذ الطفل في هزها والانتباه إلى صوتها. ونقول نحن إنه يلعب، في حين أنه يتعلم. ذلك أن الأصابع في محاولتها الإمساك تتدرب. والأذن في انتباهها للأصوات تتدرب. فهو إذن يمارس سلوكاً هادفاً وليس عبثياً، وهكذا في كل شهر وفي كل سنة ينمو الطفل جسمانياً بواسطة الغذاء والنظافة والعناية. وتنمو مداركه وقدراته العقلية وتدريبه العضلي وتركيزه العصبي من خلال اللعب. وبقدر ما تكون أدوات اللعب متفقه مع تطور الطفل العقلي والجسماني، بقدر ما تكون أدوات اللعب ذات قيمة عالية وذات هدف عظيم. وينبغي أن ندرك أن تدرج النمو والتطور ليس معنياً به ومحتاجاً إليه الطفل فقط، بل يعني الإنسان منذ طفولته حتى آخر مراحل عمره. إذ إن لكل مرحلةٍ لعباً. ولكل مرحلة ضرورتها للعب. وفي كل مرحلة هدف وغاية من وراء اللعب. وسيبرز أمامنا سؤال جوهري ومحير في نفس الوقت: كيف نعرف أدوات اللعب المناسبة للطفل في كل مرحلة من مراحل عمره؟ فخضوعاً لمراحل التطور وتدرج النمو يرغب الطفل في تعلم نوع الألعاب ومراقبة حركتها. كما تجذبه الألوان والأصوات. إن معرفة ذلك تحتاج من الوالدين قراءة بعض الكتب التي تعنى بدراسة اللعب عند الأطفال.