في زيارته الأخيرة لأبوظبي، التقيت المستكشف البريطاني الراحل ولفرد تسيجير الذي كان من أوائل الرحالة الغربيين الذين عبروا صحراء الربع الخالي باتجاه محاضرنا وصولاً إلى قصر الحصن، حيث افترش الرمال المحيطة به، وبات ليلته بانتظار الدخول على الشيوخ أربعينيات القرن الماضي، كما روى ذلك في كتابه «الرمال العربية».
لقاء يعود لأكثر من 22 عاماً خلت عندما جاء للعاصمة وحظي باستقبال المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، له وأنعم عليه بوسام وتكريم خاص، مستذكرين اللقاء الأول بينهما في مدينة العين عام 1948.
كان «بن لندن»- كما كان يناديه مرافقوه البدو- يحتفي بصدور كتابه الجديد عن مغامراته تلك، عندما سألته عما رآه في المدينة التي يزورها مجدداً بعد كل تلك العقود، قال- وكان قد وهن وتقدم به العمر- إنه قلق للغاية من تزايد حركة المرور وحالة الصخب التي بددت الهدوء والسكون فيها. ملاحظة عميقة تعبر عن حجم التحديات التي تشهدها المدن الواعدة مع توسعها ونموها وازدهارها فيما يتعلق بالازدحام المروري، وتحقيق جودة الحياة لسكانها. 

قلق وتحدٍ يواجهان كثيراً من مدن العالم التي تدفع ثمنها غالياً- كما حصل لمدينة أوكلاهوما الأميركية التي قال عمدتها السابق مايك كورنيت خلال محاضرة بالمجلس العامر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إنها خسرت سباق اختيارها مركزاً لإحدى أكبر شركات الطيران في بلاده بسبب عدم معالجة الأزمة المرورية فيها، وحالة التكدس والازدحام لضعف حالة الطرق والبنية التحتية فيها.
نقاط وقضايا محورية في صلب اهتمام الجهات المختصة في العاصمة وجهودها التي أثمرت مؤخراً تبوؤ إمارة أبوظبي المركز الأول عالمياً من حيث سلاسة حركة المرور، والمركز الثاني من حيث يسر تكلفة خدمات النقل العام وفق مؤشر جاهزية التنقل الحضري لعام 2022 الذي يشمل ستين مدينة من مختلف أنحاء العالم، وأصدره منتدى «أوليفر وايمان»، ومعهد «بيركلي لدراسات النقل» في جامعة كاليفورنيا.
إنجاز نفخر ونعتز به، ويدفع لمواصلة النجاح وتحقيق المزيد، خاصة لجهة إيجاد الحلول السريعة والفعالة للتعامل مع بؤر الازدحام والتكدس المروري خلال ساعات الذروة عند مناطق الجسور والمداخل لجزيرة أبوظبي، خاصة بعد مرور نحو عامين على تطبيق نظام أبوظبي للتعرفة المرورية «درب» وتقييم نظام «الإشارات الذكية» لتعزيز الصدارة المرورية وآثارها الإيجابية على بيئة الأعمال، وجودة الحياة، وصحة أفراد المجتمع.