القناة في منطقة ربدان، تبدو في المشهد الليلي كأنها أحلام طفولة تتمشى على ناصية القلب، وأنت الزائر لهذا المعلم الحضاري المدهش، تبهرك خيوط النافورات التي تتعلق في السماء، كأنها الجدائل في ريعان خصلاتها، وطيات شتائها الدافئ، المنسدل من فصول تلك الأغنيات المترنمة، والمتناغمة مع رفرفات الرموش المكحولة بندى المساءات الصارمة، وأحلام فتيان، وفتيات، يطوقون المكان بعطر الماركات العالمية الوثيرة، وتلك المشاهد لفاترينات تتزحلق على زجاجاتها أضواء النيون بأناة وتؤدة، وتسيح في الفضاء كأنها العفوية في عيون صغار فتحوا الجفون على مناظر ملأت الخواطر بهجة، وأثرت القلوب حبوراً.
في هذا المكان، في منطقة ربدان، تنعم النفوس بحلم ذات ليلة نما، وترعرع عند شفة الماء وما بين ضفتين منعمتين بالهدأة وترانيم الموسيقى الرهيفة، ووجوه منّها الله ببريق النجوم ورونق السحابات الندية، ومهارة الجياد في بث الصهيل الداخلي، متجلية بحنان إماراتي فذ إلى شتاء جاء يحمل في طياته برد الصحراء النجيبة، ودفء الحنايا لبشر تعلموا الحب من هذه الأشجار العريقة وهي تتشابك متعانقة، كأنها الشفاه في ليلة التداخل مع الوجود في حميميته المتفردة.
القناة هي جدول في القلب، يسقي الأرواح، ويروي شحمة المشاعر، ويمنح الحياة ذروة المتعة، وأقصى حالات النعيم، وتلك النواصي المخملية تشير إليك تعال وتسمر، وأنظر إلى المكان أنه يتجلى بالأناقة ويتحلى بالذوق الرفيع، ويرفع من منسوب التطور في مدينة سمتها النمو، ونسل التطور في الوجدان والمكان والزمان، والأشجان.
في القناة، تشعر أنك تسافر في فيافي الوطن وأنت المحمول على كفوف مشاعر أرهف من أوراق التوت، أنعم من زغب القطا، أجمل من عيون الدماني، أنبل من رشاقة الطير في حله وترحاله.
في القناة، وأنت على أديم الأرض، ترصع خطواتك تلك الأحجار الكريمة التي تضم قدميك، وتحتضنك الزوايا والنوايا، والمزايا في كون يتشكل نسلاً من جماليات تخلب اللب، وتجعله في النعيم زهرة ريانة ببلل الغافيات على مساند الحلم الزاهي، والخيال البهي.
في القناة، تزهو أنت المعني بالجمال، وتزدهر معانيك، وتزهر أشجار قلبك، وتثمر النخلات في ثنايا الروح، تشعر بأنك في هذا المكان من العالم، تكحل عينيك بأثمد النجاح الذي تحققه بلادك، وبكل فخر تحس أنك تنتمي إلى رونق لم تذقه في بلد في العالم، عندما تتذكر لون الصحراء، وعندما تستدعي الذاكرة، تشعر أن العقل عندما تشتعل مواقده، يصبح منارة حضارية تملأ خلجان الحياة بقنوات تمر عبرها المشاعر، وكأنها النجوم في مسارات الأفلاك العظيمة، وتمر أنت مرور الطير بين أغصان، وأشجان، ويضيء فؤادك هذا الجليل من العطاء، هذا الجزيل من التفاني، لجعل الوطن خير جليس في الزمان، وخير أنيس في المكان، وهو ذلك الوطن الذي تديره قيادة آمنت بأن الجمال هو النسق الذي منه تبدأ الحضارة، وفيه تكمن ثقافة الشفافية، ومن خلاله تعبر الأفكار إلى مزيد من الابتكار والإبداع، وصناعة الحياة الرائعة، وبذل ما في الوسع من طاقة إيجابية، وحلم الأجيال.
في القناة، نحتاج إلى قنوات إعلامية نشطة وواعية تظهر الجمال بما يستحقه من إعلان وإبراز هذه المشاهد الفاتنة، بما يمنحها حقها.
في القناة، حضر الإنجاز العظيم، وغابت الرؤية الإعلامية التي تضع المكان في القلب، وفي ضمير المشاعر النابضة بالحب.
في القناة، تجد نفسك تبحث عن نفسك بين تلك الطيور المرفرفة بأجنحة التألق، ولما تنظر إلى الماء، ترى صورتك في السطح المؤزر بالنقاء، وصفاء الجبلة.