في ليلة الميلاد، في عيد العالم، في الفرح الإنساني، ارتدت الإمارات قلادات من نور، ورفلت بعناقيد السعادة، ابتهاجاً بإنسانية تلج محيط السنة الجديدة بثوب مبرقش بمشاعر التفاؤل وانزياح الكآبة، وزراعة وجدان البشرية بحزام تزدهر قماشته بألوان الأقمار والكواكب الزاهية، وفي تلك الليلة عاشت بلاد الأمل ليلتها وهي تتفرج على مسرحية أبطالها من ذهب الدر النفيس ومن جواهر العقد الفريد، ومن لآلئ القلوب التي عشقت الحياة، فابتسمت لها ثغور الوجود، وحيت جهودها الرامية إلى خلق عالم تسوده أنامل التضامن، والانسجام، والتناغم مع دورة النجوم، وما تبديه الشموس من لألآت الأهداب، وشموخ القرص الناصع ببياض القلوب المحبة، والأرواح التي لها في الرفرفة علاقة الأجنحة بالنسيم العليل.
هكذا هي الإمارات تبدو في الحياة، الأغصان التي تحمل أوراقها خضرة العفوية، وينوع الطفولة في ميادين التواصل مع الآخر، من دون فصول، تمنع أمطار السماء من أن تهطل، على أعشاب الأرض، لتكسبها الحياة، والحيوية، وتمنحها النصوع، والطلوع، والتطلع إلى مستقبل يزهر بعيون العشاق، وصانعي مجد الشعوب، وناسجي حكمة البناء والتعمير، والنهوض، ويقظة الضمير، وحماية الإنسان من لغط، ومن شطط، ومن غلط، ومن حطط.
هي هكذا الإمارات، منذ التأسيس وهي تبني فطنتها من طين العشق، وهوى التمسك بالثوابت، والضوابط، وتسير قوافلها جذلانة بما تم تأسيسه، وتسييسه، لأن في الضمير هناك قائمة من حكمة الطبيعة التي تسدي للقائمين على إدارة الدفة، بأنه لا فرح إلا بالإيمان أننا أبناء الأرض، وأننا من عرق آدم نشأنا ولا فرق، ولا عرق يعلو سوى عرق المحبة.
هذه هي الإمارات، وهذه هي حنكة النجباء الذين يقبلون على الحياة بقلوب مطمئنة، مستقرة، لا يحرك نبضها سوى الوعي بأهمية أن نكون معاً في قطار العمر، وأن تمضي العربة باتجاه الأفق، مزملة بشرشف الشفافية مؤزرة بالمعنى، ومشاعر الألفة.
هذه هي الإمارات التي يجلها العالم ويحترم مواطنيها، لأن القيادة الرشيدة، طوق الأحلام بوقائع العناية بكل ما يجعلنا بين الشعوب، محور التحرك نحو الغد، بطموحات لا تنطفئ قناديلها، ولا تنكسر سارياتها، ولا تنحني أشرعتها، ولا تنحرف سفنها، ولا تتعرج طرقها، إنها الإمارات الوفية لإنسانيتها، السخية في عطائها، الثرية في معانيها، الغنية في تاريخها، البهية في طلعتها.
هذه هي الإمارات تزهو دوماً بذكاء الذين يحركون موجتها باتجاه سواحل البهجة، ويستنطقون الطير كي يغني لأجل المستقبل، ويرفع الهديل عالياً من أجل أن نعيش جميعاً في حضن أمنا الأرض، ونحمي خصالها من غبار الناقمين، وسعار الحاقدين.
هذه هي الإمارات أضاءت الأحلام في ليلة العيد، وطوقت الأعناق بسلسال من رونق الفرح، ورفعت الألوان زاهية من أجل كون يزخر بالحبور، وتزدان نواصيه برضاب صغار غنوا في تلك الليلة باسم إمارات لها في التاريخ كلمة الفصل ولها في الحياة منطق الفرح، ولها بين الشعوب صيت وصوت، ما جرحته جائحة، ولا شرخته فادحة، هي هكذا بلد الغافة النجيبة، والنخلة الرهيبة والباني، حكيم العرب، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته.