الحياة اليوم تغيرت كثيراً، وتعقدت كثيراً، وتسارع إيقاعها الوقتي كثيراً، ومن جانب آخر ازدانت وتسهلت كثيراً، وعلى الإنسان العصري أن يختار بين أن يركن لمغرياتها ومجرياتها وكسلها الناعم أو يمتطي صهوة ظهر كل ما فيها من جميل ومفيد، ويجعل لمسيرته فيها غاية، ومتعة ورحلة استجمام، اليوم الإنسان وحده من يقرر كيف يختار طرق عيشه في هذه الحياة، لا يعم الأمر، ولكنه يهم، ولا يستثنى أحد من أفراد المجتمع، الغني والفقير، القانع والمستميت، ولا تهم الأمكنة ولا الأزمنة ولا الكم ولا الكيف، فكل شيء فيها بمقدار، مقدار ما يعمل، وبمقدار ما يستطيع، وبمقدار ما يتوفر، الرياضة فكرة قديمة، ولكنها جديدة وتتجدد، هي جميلة ومهمة في حياة الإنسان العصري الجديد، وصارت ضرورة ملحّة في وقته السهل والميسر، هي كثيمة، علينا أن نحبها، وعلينا أن نجعلها جزءاً من هواية دائمة، وعلينا أن نتصارح معها ونتواجه، ولا نخل بالاتفاق معها، لا تهم ممارستها في نادٍ للأغنياء أو مع مدرب متخصص أو ضمن فريق، فمكانها مشاع، ووقتها مشاع، قليل منها يكفي، وكثير منها لا يضر، نمارسها بملابس «ماركة» أو بملابس قطنية رخيصة أو كان الإنسان أجرد، فهي لا تتطلب بذخاً، ولا تتشرط إنفاقاً، هذه الثيمة الجميلة والوحيدة والرخيصة التي يمكنها أن تجعل من حياتك وحياة من حولك نعمة، وجمال وصحة، فقط المراد هو شيء من الوعي من قبل هذا الإنسان العصري اللاهث خلف أمور قد لا تسعده مثلما هي الرياضة، والرياضة ليست للجسد فقط، بل للروح رياضتها، وهي مهمة لتوازن الإنسان، فهو ليس مظهراً خارجياً، بل هناك أمور في داخله بحاجة لكي ترتوي، لتعيش بسلام مع غيرها من الأعضاء، وإن كانت الرياضة البدنية لا تكلف المرء شيئاً، فالرياضة الروحية لا تكلفه بالمطلق، فالتأمل والشكر والتفكر والتدبر والثناء والابتسامة والراحة والدعاء، كم تكلف هذه الأشياء رغم جمالها ورقيها الإنسان، ولو احتسب فائدتها عليه، ومردودها على حياته لبذل من أجلها الغالي والنفيس، فكم تساوي السعادة في نظر الإنسان، لكنه في الغالب يجهل مفاتيحها، ومداخيل دروبها، رغم أنها مد بصره، وموطئ قدمه، وحطة يده.
هناك أشياء كثيرة في الحياة مثل الرياضة، يمكنها أن تغير نمط حياة الإنسان، وتدفعه للاستمتاع، وإلى الفرح بأشكاله في يومه وليله، لكن الكثير منا ينساها في غمرة انشغالاته، وهرولة وقته، وحساباته التي في مجملها ناجحة مادياً، لكنها خاسرة روحياً، من بين هذه الأشياء وهي كثيرة، وقد لا تحصى، جرب في الحياة مثلاً أن تكون صديقاً وفيّاً لنفسك، لا تكذب عليها، وتصدقها في القول والفعل، لا تجبرها، ولا تحدّها على الشر والظلم، ارفق بها، وترافق معها، وستدرك كم هو مكسب هذه الصداقة، جرب ودرب نفسك على القناعة مثلاً، وستكتشف كم هي عظيمة الأمور التي تمتلكها، ولا تعرفها، وكم من الأشياء التي ترفل تحت قدميك، وأنت تجهلها، وكم من المسائل التي تحيط بك، وتفرحك وتسعد وقتك، وتجعل من حياتك ملونة، لكنك لا تتعاطى معها، ولا تعرف كيف السبيل إليها، وقد تكون عافّاً عن النظر إليها، وعاقّاً لها.. صدقوني هناك أشياء في الحياة كثيرة وجميلة، فقط تريد شيئاً من الثقافة، ومن فنها!