في مثل هذه الليلة، ليلة النصف من شعبان كل عام، تحرص الكثير من الأسر الإماراتية على إحيائها في احتفالية متوارثة عبر الأجيال تعرف بـ«حق الليلة»، وتشاركنا الاحتفاء بها كذلك العديد من المجتمعات الخليجية الشقيقة، وإن اختلفت المسميات. 
الاحتفالية من العادات الجميلة المتوارثة في الإمارات، والحرص على تخليدها على الرغم من التطور الهائل الذي شهده المجتمع، يكتسب أبعاداً جليلة، إذ يغرس ويكرس في نفوس الأطفال الفرحة بقرب حلول شهر رمضان المبارك، ويؤكد ويرسخ الروابط الأسرية والصلات الطيبة بالجيران والآخرين، انطلاقاً مما جبل عليه مجتمع الإمارات، وهو ما يحثنا عليه ديننا الحنيف وقيمنا وانتماؤنا الإنساني على مر العصور. 
وقد اعتاد الصغار التنقل بين بيوت «الفريج» الواحد في مجموعات، مرتدين ملابسهم الجديدة، حاملين تلك الأكياس القماشية المعروفة بـ«الخريطة» يضعون فيها ما تتلقفه الأيادي الصغيرة من الحلويات، وهم يرددون الأغاني والأهازيج التقليدية للمناسبة، ومع تغير وتبدل الأحوال باتت المناسبة تقتصر على تجمع الأسر في «البيت العود»، حيث يوزع عليهم الجد أو الجدة حلوى «حق الليلة».
ورغم تأكيد دوائر«الأوقاف والشؤون الإسلامية» التي أجازت احتفال الأطفال والفرحة والابتهاج بليلة النصف من شعبان، باعتبارها «من الليالي الفضيلة التي لها مكانة في نفوس المسلمين»، إلا أن بعض أصوات الغلو تعمل دائماً على بث آرائها النشاز التي لا تقبل أي فرحة وقد نصبت نفسها وصية على المجتمع.
وكما ذكرنا، ففي وقت يشهد فيه مجتمع الإمارات تغيرات كبيرة لهذه الاحتفالية وغيرها أهمية خاصة، ودورها بتعظيم عادات وتقاليد جميلة تعتبر من صور الاعتزاز بالهوية وخصوصية المجتمع لدى الأجيال في زمن طغيان الأجهزة الذكية، وهي تسهم اليوم وبقوة في صياغة معارفهم وتوجهاتهم.
كما أن المناسبة سانحة للتذكير بأهمية استقاء كل ما يتعلق بأمور العقيدة وديننا الحنيف وجوهر الاعتدال والوسطية التي يحملها من مراكز الإفتاء الرسمية، سواء من مركز وموقع «الشؤون الإسلامية والأوقاف» أو مجلس الإمارات للإفتاء، باعتبارهما الجهتين الرسميتين والمرجعين في كل الأمور المتعلقة بأمور الدين والعقيدة، أما أولئك الذين يخلطون الأمور ويقدمون فتاوى مشوهة بما تحمل نفوسهم المشوهة، فيجب ألا نلقي لهم بالاً أو نعيرهم أي اهتمام، وقد رأينا كيف كانوا ولا زالوا يستهدفون الإمارات بمزاعمهم الباطلة. وكل عام والجميع بخير ومجتمع الإمارات في خير و«عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يودّيكم».