هكذا هي الحقائق تبرز في المواقف الصعبة، في المشاهد التي تعبر عن قوة الحلم، ونزاهته وبراعته في التحول إلى واقع. فكم من الأحلام تحولت إلى فقاعات، تطفوا، ثم تختفي بلا رجعة، كم من الأحلام تتحول إلى زهرات برية تشدو بشذىً يملأ الحواس نشوة، ورفرفة الطيران الأولى. 
هكذا تبدو الإمارات وهي تسدد الخطوات نحو الأفق وتملأ جعبة الوطن فرحاً، تملأ ضمير الإنسان دفئاً، تملأ الحياة وعياً بأهمية أن نوجد، ونحن نحمل في طيات قلوبنا الأمل.. الأمل الذي افتقده العرب منذ قرون، ها هو اليوم يلمع في بريق مذهل، يلمع في عيون النيادي كما في جعبة المسبار، والمستكشف راشد، هذه هي وثبة الإمارات، هذه جيادها تحرك المياه الآسنة في صدور ملايين العرب، وتقول لهم: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، فالثابت في الحياة هو الحركة، هو النظرة البعيدة للأمور، لأنه ما من إنسان لا ينظر إلا إلى قدميه إلا ويتعثر، وينقلب على وجهه، ثم يصيح وا ويلاه لقد وقعت، ولكن لا جدوى من البكاء على اللبن المسكوب، كن في الوجود ولا تخرج، لا تغادر وجودك، فسوف تجد نفسك مزدهراً بالفرح، ستجد نفسك ممسكاً بزمام الوجود. الناس جميعاً يحبونك ويمدون لك يد التأييد ويقولون لك شكراً لك لأنك أجريت المياه من تحت أقدامنا، والآن نحن نقبل رأسك. 
هذه هي سنة الحياة، الإنسان لا يكون قوياً إلا إذا امتلك إرادة الاختيار، وسار على الدرب، يفحص خطواته بحسب ما يدله عليه ضميره الواعي. الإمارات حققت ذاتها بفضيلة قيادتها وصدق أبنائها، الإمارات أنجزت حضارتها الخاصة بها، انطلاقاً من ثقافة البناء والإبداع، وهي الثقافة التي شيد عراها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته. هذه سيرة وطن، كتابه تاريخ من العمل والجهد والبذل، وتفاصيله تبدأ من أول تغريدة على لسان الطير، وهو يحط على غصن شجرة زرعها زايد الخير، وهيأ لها النمو والاستمرار في النمو، وتستمر حتى الأمل اللامتناهي، والطموحات التي تسكن ضمير القيادة الرشيدة، وإنسان الإمارات. هذه سيرة وطن أحبت قيادته أن نكون في قلب العالم، قلباً نابضاً بالحياة، يفيض فرحاً وحبوراً. هذه سيرة وطن أحبه أهله فأخلصوا له وضحوا من أجله فمنحهم الشكر والعرفان، منحهم الخير كله. هذه سيرة وطن، قصيدة قيادته، مرتع لغزلان الأمل وصهيل جياده، جرس الانطلاق نحو الغد، وهذه سيرة وطن، تحلم القيادة، فتسرد الفكرة، والأبناء يطوقون الفكرة عملاً مبهراً يدهش القاصي والداني. هذه سيرة وطن، من لجج الحياة يستخرج الدر، ومن وجدان الأفئدة المخلصة ينتج فرحه، بخيلاء وجذل.