لا خبرة لدي ولا قدرة على التفريق بين التوحد وطيف التوحد، فلست اختصاصيا، ولكني كمتابع للشأن المحلي معني بانتشار التوحد في مجتمعنا بصورة لافتة خلال السنوات القليلة الماضية، مع افتقار شرائح واسعة من الأسر وأفراد المجتمع للقدرة على رصده مبكراً وحسن التعامل مع أطفال التوحد، رغم قدم نجاح أول طبيب نفساني في تشخيصه منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
كما يعد فيلم الممثل الأميركي الشهير توم هانكس «فورست جامب» في التسعينيات من قصة تحمل الاسم ذاته للكاتب ونستون جروم في العام 1986 من أوّل أعمال السينما العالمية التي تطرقت لمصابي التوحد، وقد حصد أكثر من 677 مليون دولار أميركي إيرادات في جميع أنحاء العالم.
عندنا أولت الدولة اهتماماً كبيراً بهذه الفئة وهيأت الظروف المتكاملة للمساعدة على علاجها وتسهيل اندماجها في المجتمع، وقد اختتمت مؤخراً فعاليات أسبوع التوحد للعام السادس عشر على التوالي، والتي أقيمت تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ونظمها مركز الإمارات للتوحد بهدف «رفع الوعي المجتمعي، وإرساء مفهوم القبول لفئة ذوي طيف التوحد وتمكينهم، وفتح آفاق جديدة للمؤسسات والأفراد على حد سواء للتعاون وتبادل الخبرات في المجال»، ولكن للأسف جهود الدمج التي تتبناها الدولة لتمكين فئة من فلذات أكبادنا وتعمل على تطبيقها «نظرياً» مؤسساتنا التعليمية وغيرها من الجهات المعنية تصطدم بواقع مر في مقدمته «الحاجز النفسي» لعدم قبولهم من أقرانهم في المدرسة بسبب عدم تعاون أولياء الأمور وتوعيتهم لأبنائهم على حسن التعامل مع مصابي التوحد وغيرهم إلى جانب ارتفاع التكاليف بصورة تتجاوز المبالغة في المراكز الخاصة.
 قبل أيام، تابعت ألم إحدى أمهات أطفال التوحد، وهي تروي بحرقة ما أصاب طفلها من جرح كبير على يد زميل له في المدرسة، جعله يبكي بحرقة طول الوقت لأنه دعا جميع من في الصف لحضور حفل أقامه مستثنياً الطفل الذي تعلق به واعتبره من أقرب أصدقائه، ومن دون أن يبرر له الموقف، ولكن الأمر كان واضحاً -كما عرفت الأم- وهي تبحث عن وسيلة لتعويض ابنها عن الحفل. تصرفات قد تبدو عفوية من طفل لا يدرك عمق الجرح والألم الذي يسببه لطفل آخر لا ذنب له سوى أنه ولد مختلفاً، ومع الأيام سيتغير وقد يصبح أفضل منهم. أحترام الاختلاف خُلق طيب يغرس مبكراً في النفوس.