تسافر في طيات الزمن، وتلتفت إلى قديمك، فتجد الشذا في خضاب على كف مثل مهند، وتجد الثوب القديم جديداً على ممشوق، وسامق، وهياف، وهياب، يتعبك في التأمل، يسكب في مهجتك الرحيق، وكأس مهذب، من وهج البديهة،  ولواعج النظرة، فابتسامة، فلا لقاء ولا بقاء لدفء، ولا خضم في الهوى.
تسافر في المحيط، والتضاريس البضة ترهق مسعاك في النظر، وتنهك وعيك في اللون، وبهجة الوجنات، واحمرار على ضفتين، هنا، ومن هناك بين جيد وجيد، وأسطورة الهيئة، وعبقرية في النظرات، كأنها النجمة في كامل بريقها، وتمام تشيؤها.
تسافر في الزمن، وتمتطي صهوة الشغف بكل ريعانه، وأوانه، وزمانه وقديمه وجديده، وأنت في الزمان جناح فراشة، ترتق ثوبها بلون، وصون، ولا شيء عندك يمنحك العزيمة كي تصمد، وتراكم النظرات، لعلها تفشي سر اللوعة،  وأسباب الوقوف على حركة التاريخ، وهو يرتل الأسفار في بوح أشبه بنواح الحمام، وهو يسحت أوتار الحناجر من شديد الوله. 
تسافر، ولا تتوقف في سعيك، كي تنال من بقشة القديم ما خبأه الزمن، وما غاب عن ناظريك مدى الفراق، ولا انعتاق من رهط التعب، لا عناق إلا مع الفراغ، وكأنك الطير المغرد في الأعشاش الخاوية من عيون صغاره، من زقزقة الضمير.
الله، سفرك يطول، وأنت في الرحلة الأبدية، قشة،  أنت تحت الغيمة، عمر بلا ربيع، وزمن يمر كأنه الريح تقصم ظهر بعيرك، وتمضي بلا كلل، وأنت لم تزل في انتظار صمت الصفير، أنت تتأمل الشكل، واللون ولا تبتسم، أنت لا تعرف كيف تمر الابتسامة على الثغور، مثل سحابة طائشة، ثم تختفي، وتختفي أنت، ولا يبقى غير وجه قديم، تحب أن يدهشك بابتسامة رخية، تحب أن يصدمك بكلمة رضية، تحب، ولكن في الحب أشياء لا تلمس، ولكنها تحس، عندما يكون الإحساس شجرة اللوز الصامدة في البيت القديم، وتلك العناقيد تدلي بصوتها في الصيف صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، وأنت لم تزل تتوخى عذراً من زمان يأتيك من فم مثل استدارة خاتم الخنصر، يحيك لك سيرة كائن أنثوي مبجل،  ولكنه لا يفعل، أنه يحيق بك، وكلما قلت آه، استدار ثانية على عنقك، وشد لجامه، حتى تتقطع أنفاس الوجود، وتبقى أنت في الزمان، ثمرة لوز، باتت في العراء، بعدما قضمتها أنياب، وأضراس.
الله أهو كذا يكون الزمان مثل منشار على لوح تهتكت أليافه، فعل فاعل تمرس في الخديعة البصرية؟ الله قلت من عقود، أنك تعشق التراب عندما يبلله عرق قدمين، كنت تتوخى فيهما النظرة الأولى المدهشة، ولكنك اليوم، لا يدهشك الغرام،  ولا الكلام، ولا علامة الاستفهام، اليوم أنت في الزمان روح تطيرها العبرة، وموعظة اللاهين في الغيوب، والسهوب، وعيوب المشاعر، غير مكتملة النمو.
الله كم أنت شقي، والشجو في قلبك مثل غبار مراحل ما بعد الفراغ، مثل رحلة إلى اللا شيء، مثل مسألة رياضية، بلا أرقام.
فماذا إذاً تحسب في الزمان، طالما الأرقام مجرد حرز غرسه مشعوذ، وكذاب أثيم، ومشاء بنميم، وغاب عن الأنظار، مدعياً أنه منغمس في دور عبادة، أو أنه يتهجد في محراب عزلته.