باولوكويلو، الروائي الفذ، مؤلف الرواية العالمية «الخيميائي» قامة كبيرة في كتابة الفن الروائي، صاحب التدفق المستمر في السرد الجميل والمهارة في تناول الأحداث، وربطها بصورة بديعة من البدء وحتى انتهاء العمل، ينقلك دائماً عبر أحداث وحكايات كثيرة، تذهب بك إلى البعيد، ولكنها تعيدك إلى مسار النص وبطريقة حرفية عالية. مقدرة هائلة على اصطياد الأحداث المتشابكة، والتي يوظفها في خدمة النص. قرأت له العديد من الروايات، دائماً ما تبدأ أعماله بأن يأسرك في صناعة النص، وكأنه ينصب الشباك، وينسج للخيال مسارات كثيرة، لديه أسلوب جميل في صناعة الحكي وصياغة العمل، وكأنه فنان تشكيلي يرسم لوحته بجمالية البدء، وخط سير الرواية ومرساها الأخير. 
في رواية «الزهير» يبدأ بهدوء جميل، يأسرك بطريقة العمل وبراءة البداية، ولكن بعد حين تبدأ الحكاية الآسرة والتشويق لمتابعة العمل الروائي الجميل. تتحدث الرواية عن كاتب شهير تهجره زوجته الصحفية التي تغطي الأعمال الحربية وأخبار الحرب وكتابة التقارير من ميدان المعارك، لا يفهم كيف تهجره هذه الزوجة من أجل تغطية الحروب، ومن أجل شيء يجد فيه الخراب، أو جله عبثي، ولا يخلف غير المآسي والآلام والدمار. الكثير من الأفكار تداهمه، ويسأل: هل حقاً تستحق الحرب التي تدور في أفغانستان وغيرها، أن تجعل زوجة تهجر زوجها؟ يصارع أفكاراً وفلسفات كثيرة. هل هي صادقة أو أنها قصدت هجره والعيش بعيداً عن عالمه؟ هل المآسي لديها خاصية ومقدرة على تعرية المشاعر الإنسانية. يلتقي رجلاً من الذين هدّتهم الأيام ورمتهم بعد عذابات كثيرة، يجد فيه نافذة لتتبع أخبار زوجته المراسلة الحربية، خاصة عندما يقول له ذلك الرجل إنه التقى زوجته هناك. لم تغب المرأة عن فكره ولم تخرج من قلبه، على الرغم من الهجران والبعد الطويل، وتفضيل العيش بعيداً في أرض غريبة وأحداث دامية. يظل يفلسف الأمور ويقدم لنفسه مبررات وأعذاراً كثيرة، يتأرجح بين حبها الدفين وبعدها وهجرها الصعب، وهي لا تبالي به، تسعى لمجدها الخاص ولأن تصبح صحفية ومراسلة كبيرة. يربط صداقة مع الرجل العائد من تلك الحرب، على الرغم من أنه كاتب كبير لا تروقه تلك الأحداث، ولكن فقط من أجل الوصول إلى معرفة أي شيء عن زوجته التي هجرته. الرواية التي يقدمها الكاتب الروائي الكبير باولوكويلو جميلة وممتعة، في سردها وتفاصيلها.