من السكون إلى العاصفة، وحدها الريح قد تأتي في لحظة غير متوقعة، يتحول صفاء الجو والهدوء والطمأنينة والرتم البطيء المفرح إلى حالة خاصة. فجأة هبت الرياح على عدة مدن في الإمارات، كلها سويعات، فإذا بالحال قد تبدل، من الهدوء إلى هطول أمطار غزيرة وعواصف قوية تركت آثارها الواضحة في الطرقات والشوارع والمدن والقرى، ثم رحلت الرياح سريعاً، وكأنها جاءت لتذكرنا بأن هذا هو حال الشتاء، وهكذا يبدأ وتتغير الفصول.
ليس بالجديد هذا على ذاكرة الناس أن يأتي الشتاء بمظاهره المعهودة، حيث السحب والأمطار والرياح، كلها تأتي ثم تمضي ولا يتبقى في الذاكرة غير الحالات المناخية ذات التأريخ والتأثيرات القوية. وقد تمر السنين ولا تتكرر الحوادث الكبيرة التي خلفتها الرياح/ العواصف والتي ظلت في ذاكرة القدامى من أهل الأرض. عندما قلنا لذلك البحار القديم، هل تتذكر شيئاً من الرياح والعواصف البحرية قديماً؟ قال: ذات مرة،  تحول البحر الهادئ الجميل والسماء الصافية البديعة، وحالة المرح والسعادة إلى شيء آخر. تغير لون السماء والبحر، جاءت غيوم سوداء سريعة العبور وغزيرة المطر، ارتفع موج البحر وكأنه الجبال، امتلأ الشراع بالريح، ثم تمزقت أجزاء منه وتعطلت بعض آلات السفينة، حملت الأمواج السفينة وزاد اندفاعها، كان الموج يقذف ماء البحر إلى سطح السفينة، تمسكنا بالحبال وببدن السفينة، وارتفع الدعاء من جميع البحارة، كان الهلاك أقرب إلينا من حبل الوريد، السفينة تعلو مع الموج وكأنها على قمة جبل ثم تهبط إلى منحدر سحيق وعميق، مضت مدة ليست بالقصيرة، وفجأة رحلت العاصفة بعيداً، ولم ننجُ إلا بكرم الله ورحمته.. قالوا لنا إنها عاصفة ورياح «الحيمر» وإن الذي ضرب السفينة هو أطراف العاصفة فقط، أما قوة الريح وتأثيرها الأكبر، فقد حلت بالسواحل، وقد حملت بعض الزوارق الخشبية والمساكن المشيدة من جريد النخيل، ورمتها بعيداً عن سيف البحر والساحل. أضرار كثيرة وكبيرة، كانت العاصفة و«الحيمر» قد تركتها، وظلت حكايتها تروى لأجيال لاحقة مدة طويلة. قال: الآن يجب أن نحمد الله على هذا العمران القوي والمباني المحصنة والمشيدة بإتقان، ومتينة التأسيس، لا تهزها الرياح، ولا الناس تهتم كثيراً لهبوب العواصف والرياح. 
بالأمس جاءت (الرحمة) والأمطار المبشرة بأن هذا الشتاء سيكون أخضر وجميلاً، دول الخليج العربي حماها الله من غضب الطبيعة الكبير، والذي نشاهده في بلاد أخرى، لا زلازل مدمرة ولا عواصف ماحقة ومهلكة.. أنهار وبحار تخرج عن طبيعة مساراتها، ثم تقتلع وتجرف البيوت والأرض والناس. الله بارك الجزيرة العربية، وأسكن رحمته فيها ورعى ساكنيها وأبعد الكوارث عنهم.