في توصيف الفرق القوية، في كل القارات والدول، تذكروا ما يلي دائماً: «المهارات الفردية حين تمزج في الجماعية تصنع فريقاً قوياً، بشرط أن يقود السفينة قبطان مبدع»..
هذا هو مانشستر سيتي الآن، وهذا هو صن داونز الآن، وهذا هو برشلونة الآن، ويمكنك أن تضع ما تريد من الفرق التي تلعب كرة قدم مختلفة، مع فارق نسب المتعة، ونسب درجات صعوبة المسابقات. ولا أتحدث هنا عن الفوز والخسارة، ولكن عن الأداء، فكيف يلعب الفريق الكرة الصعبة بمنتهى السهولة، ويتبادل الكرة ويمررها ببساطة، وتشعر أن اللاعبين سعداء باللعبة ويمرحون في الملعب!
وتذكروا هذه الحقيقة أيضاً: «كلما زادت صعوبة اللعبة، وزادت سرعتها، باتت اللعبة أجمل وأكثر متعة.. إن كرة القدم الجيدة لعبة صعبة، وكرة القدم الجيدة لعبة جميلة، وكلاهما؛ الصعوبة والجمال مرتبط، وترى الصعوبة في التكتيك الجماعي المطبق بمنتهى الدقة، وحين ترى هذا التكتيك الجماعي الصعب يطبق بمهارة وفن يزداد الإعجاب بالفريق وباللعبة».
كان مانشستر يونايتد فريقاً قوياً في زمن الكرة المباشرة واللعب المباشر السريع، قبل عصر المهارات التي تصنع الحلول في المساحات الضيقة، وقد بدا الهولندي تن هاج وهو يُجري التغييرات في الدقائق الأخيرة من ديربي مانشستر والنتيجة 3-0 لمصلحة السيتي، بدا مثل قبطان تيتانيك، الذي يرتب طاولات السفينة العملاقة بينما نصفها يختفي في ظلام ماء المحيط !
الآن سقط مانشستر يونايتد في حفرة تبدو عميقة بعد هزيمته الثقيلة في أولد ترافورد، ويقع اللوم في حالة الفوضى التي يعاني منها يونايتد على عاتق تن هاج، الذي قام بعد 17 شهراً وثلاث فترات انتقالات ببناء فريق ضعيف يلعب بخطة ضئيلة، ويضم عدداً كبيراً من اللاعبين ذوي المستوى المنخفض، مثل فيكتور ليندلوف، وهاري ماجواير، وجوني إيفانز، وديوجو دالوت.
ولأن الإنجليز شعب الذكريات والمناسبات، فقد قالت الصحف الصادرة بعد المباراة: «فريق تن هاج فشل في منح السير بوبي تشارلتون ما كان الرجل يتوق إليه وهو الفوز، أو حتى الأداء لأنهم كانوا يفتقرون إلى أي خطة فيها أى لمسات إبداعية فى مواجهة فريق يمتلك هذا الإبداع.. فالسيتي كان مليئاً بلاعبين رفيعي المستوى، جون ستونز، جاك جريليش، سيلفا، فودين، هالاند، رودري، وألفاريز».
وبمناسبة هالاند، فقد قال جوارديولا قبل أيام: «لا أقيم إيرلينج على أساس الأهداف التى يحرزها أو تلك التى لا يحرزها»، ورد النرويجي بهدفين في مرمى يونايتد.
المهارة هي محل التقييم، ومهارات اللعبة الآن تتضمن السرعة، والتحرك، والتصرف والقرار والسيطرة على الكرة، وكله في إطار الإبداع، وأشير فقط هنا إلى قوة المهارة بتمريرة هالاند إلى فودين ليسجل، وتمريرة محمد صلاح إلى نونيز ليحرز الهدف الثاني في مرمى نوتينجهام فورست، وبراعة بيلينجهام ودوره مع ريال مدريد، وتلك مجرد إشارات.
** هزيمة الأهلي أمام صن داونز لم تكن في النتيجة، ولكنها هزيمة في الأداء الجماعي وفي المهارات، وبطل أفريقيا 11 مرة مطالب بالكثير في مباراة العودة غداً أمام أحسن فريق يلعب كرة القدم الممتعة والسهلة في أفريقيا.