من أقدم مبنى في عاصمتنا الحبيبة أبوظبي، ومن موقع قصر الحصن التاريخيّ الذي يعود بناؤه لأكثر من مئتين وخمسين عاماً، انطلقت أمس الأول، فعاليات مهرجان الحصن الذي يعد تظاهرة واسعة ومتنوعة للاحتفاء بالتراث الغني للإمارات ويوفر لضيوفه وزواره برامج ثرية تجمع بين التعريف والتثقيف والفنون والترفيه من خلال ورش تفاعلية وأنشطة تقليدية وعروض حية للوجبات والحلوى الإماراتية والموسيقى والفنون المحلية.
وأكدت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الجهة المنظمة للمهرجان الذي يستمر لعشرة أيام بأنها تعتبره «منصة تراثية رائدة يدعم جهودها في إبراز التراث الثقافي الإماراتي والإبداع الثقافي الملهم. وذلك بالتركيز على الأدوات التعليمية والإعلامية التي تتيح الفرصة لزواره للتعرف عن قرب على ثقافتنا وتراثنا». كما أنه «يعد فرصة لاكتشاف كيف يؤثر تراثنا في حياتنا المعاصرة، وكذلك اكتشاف الطرق التي يتم بها إعادة تقديمه من قبل الحرفيين والفنانين والموهوبين في دولة الإمارات».
جهد كبير للدائرة وهي تنظم هذه الفعاليات بإقامة نسخة طبق الأصل للحي السكني التقليدي لمجتمع أبوظبي في تلك العقود الموغلة في القدم وتتيح لزوار المهرجان استحضارها والاستمتاع بالمشي في «سكيك الفريج» التي تقود إلى السوق الشعبية بما تضمه من دكاكين وورش حرفية تقليدية.
ينقل المهرجان، الذي تقام فعالياته على امتداد منطقة الحصن الواسعة، زواره في رحلة عبر الزمن لاستكشاف إرث الآباء والأجداد، مقدماً لمحة عن الحياة في أبوظبي قديماً.
المهرجان باختصار رحلة عبر الزمن يروي لأجيال اليوم صورة عن حياة الآباء والأجداد، ونمط المعيشة في «الوطر» الجميل الذي تميز بالبساطة والتحدي رغم مختلف تحديات شظف العيش وقسوة الظروف.
ورغم تعدد الفعاليات والملتقيات والمهرجانات التي تعنى بتاريخ وتراث الإمارات، فإن مهرجان الحصن يكتسب أهمية خاصة في الذاكرة والوجدان عند أهالي أبوظبي، فالحصن شاهد على بداية حقبة تاريخيّة جديدة في تاريخ الإمارة، عندما اتخذه حكامنا من شيوخ آل نهيان الكرام مقراً للحكم ومركزاً لإدارتها حيث دبت الحياة في محيط القصر وخارجه. وحيث أحاطت به فرجان المدينة التي أصبحت اليوم عاصمة عالمية الطراز، وذلك بعد انتقال عاصمة قبائل حلف بني ياس من قرية «المارية» في واحة ليوا إلى جزيرة أبوظبي حيث تعتبر منطقة الحصن الركيزة الحضارية الأساسية لانطلاق العاصمة أبوظبي.
وجسد المهرجان مكونات المدينة من خلال ثلاثة أجزاء مترابطة تشمل قصر الحصن والمجمّع الثقافي وبيت الحرفيين. وقال المنظمون إن هذه المنطقة من المهرجان تعد «رمزاً للاعتزاز بالتراث الثقافي لدولة الإمارات، وتتمثل أهميتها في الجمع بين عناصر التاريخ العريق والمجتمع والتقاليد الأصيلة، وبين طموحات المدينة التي تتطلّع نحو المستقبل». وشكراً للجميع على هذا الجهد الاستثنائي للتعريف بتاريخ أبوظبي والتراث الإماراتي الثري والأصيل.