(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ...) من الماء جاءت النطفة الأولى، وفي الماء تحركت زعانف الحياة، وعلى الماء يسبح الطير وتغني الموجة.
الإمارات بفضل القيادة الرشيدة، استطاعت أن تحول الصحراء إلى فيحاء تنعم بخلود الأخضر اليانع، وأن ترتع غزلان الحبور بين أفياء مزدهرة بعناقيد الفرح، كل ذلك يحدث في بلد في الأساس صحراوي، ولكن موهبة الإنسان وقدراته الفائقة وحبه للأرض التي نبتت عليها أحلامه، وترعرعت أشواقه وتفرعت أغصان تطلعاته هنا في هذا الوطن الاستثنائي بدأت ثيمة الرواية، ونمت وأزهرت وازدهرت وفاح الريحان من بساتين الفخر والعز ونثر التين والتوت ألوان ثمراته البضة، وبشت قلوب وهشت أرواح ورشت السماء على غضون الغيمة سلسبيل فضيلتها، وبلغت الجزالة حد البلاغة والنبوغ، وصار الوطن بفضيلة قيادة محبة للجمال عاشقة للحياة صار الوطن أغنية الصحراء ساعة نشوء العشب وارتقائه، صار الوطن قيثارة بدوية ترتب نغماتها على أنفاس فنان محترف وعازف متقن يدوزن الأحلام، كما ينسق طموحات الإنسان.
ومن الماء تطل علينا كفوف الغذاء مخضبة بترف المشاعر وبذخ العطاء ورونق الانهماك في توفير ما يلزم وتحقيق مطالب الحياة بكل معناها ومغزاها.
الغذاء نتيجة مباشرة لوفرة الماء، وهو وليد قطرة تحيي العظام وتنعش الأرواح وتنتشي لها مشاعر الخلق، وهذا هو السر في العلاقة بين الغذاء والماء، وكذلك بين الجدولين والإنسان والذي يرى نفسه اليوم في حضرة نعيم الأرض وفضيلة القيادة يقف عند هامات النجوم ويقتعد هناك كرسي التألق، وينظر إلى العالم نظرة محبة وشكر وعرفان، لأنه استفاد من درس القيادة ووفائها أن يقتفي أثر المثال والنموذج، وأن يحتفي بهذا المنجز الحضاري ويضعه بين الرمش والرمش ويسير بين الخلق مؤزراً بأخلاق النجباء وقيم النبلاء وأفكار الذين يلونون سبورة الحياة بأبيض العبارات وأجمل المهارات وأنبل المثابرات.
قيادتنا في ذروة الأزمات أعلنت بوضوح أن «الدواء والغذاء خط أحمر» لا يمكن التهاون في توفيرهما، ولا يمكن التردد في تسخيرهما لخدمة الإنسان ورفاهية عيشه الكريم.
هذه رؤية قيادة، وهذه رواية وطن وما بين الرؤية والرواية سياسة غذائية محكمة وواثقة وثابتة، بحيث لا يشكو مواطن ولا مقيم من نقص أو تقصير، بل هي عادة إماراتية منذ التأسيس، وقد جاء على لسان القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه «الرجال هم الذين يصنعون الأوطان وليس المال»، وصناعة الرجال بذرتها الأولى السخاء في الغذاء والماء.
ونحن اليوم نعيش عصراً يئن فيه العالم من شح الماء وقتر الأرض، ولكن بقدرة قيادة مؤمنة بأن العمل الجاد والمخلص والإيمان بأن التفكير بصدق يفتح نوافذ الخلق والإبداع ويمنح الإنسان فضيلة العيش من دون عازة ولا سؤال.