السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

رمضان.. شهر الصبر

رمضان.. شهر الصبر
6 ابريل 2023 02:32

الصيام نصف الصبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والصوم نصف الصبر»، ويقول الله سبحانه وتعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 153 »، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر».
شهر رمضان هو شهر الصبر، لأن الصائم يحبس نفسه طاعة لله تعالى عن الحرام، وعن مباحات تعود عليها خلال سنته، فإذا كان المسلم قد صبر قبل رمضان عن المعاصي، فهو اليوم يصبر عن المباحات أيضاً، فقد اكتمل الصبر عنده لأن الصيام نصف الصبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والصوم نصف الصبر»، فالصائم يصبر على الجوع والعطش، فيمسك عن الطعام والشراب من الفجر إلى الغروب، فيمتنع عن الطعام وهو جائع، ويمتنع عن الشراب وهو يشعر بالعطش، يتعلم في ذلك خلق الصبر الجميل، قال تعالى: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا)، «سورة المعارج: الآية 5».
وإن الله سبحانه وتعالى قد وعد الصابرين بثواب عظيم، قال جلّ جلاله: (.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، «سورة الزمر: الآية 10»، والصيام يعلم المسلم الصبر عن المباحات، وبالصيام تكتمل منزلة الصبر، فإذا قدر الصائم على ترك المباحات فإنه على ما سواها أقدر.

إني صائم:
أمرنا الله بالصوم وحث عباده عليه، ودلنا على مقاصده وثمراته، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، «سورة البقرة: الآية 183».. ومن ثمراته التقوى وكما أن الصبر من ثمرات الصيام، فإن للصيام ثمرات وفوائد عدة، من حرمها فقد حرم الكثير، فقد اختصه الله تعالى لنفسه، وجعل ثواب الصائم عنده، وتكفل بأجره وجزائه العظيم، ففي الحديث القدسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ»، فقوله: (لي وأنا أجزي به) وعد من الله سبحانه وتعالى بالجزاء الأوفى والأجر الأعظم للصائمين، فالعظيم لا يَعِدُ إلا بأجر عظيم، لأن الصوم من العبادات المخفية التي لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره، ولا تظهر من الصائم بفعله، بل تكون في الغالب سراً بين العبد وبين الله عز وجل، فتكون خالصة لوجهه الكريم. ولذلك تكفل بذاته العلية بمجازاة الصائمين، وهذا يدعو إلى إتمام الصيام على أكمل وجه وأصدق حال، فنبتعد عن كل ما يخدش الصيام، ونتخلق بمكارم الأخلاق.
ولا بد أن يرافق ذلك الصوم حسن الخلق في التعامل مع الآخرين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ»، ومعنى الصيام (جنة) أي وقاية للعبد من النار، ووقاية له عن السيئات، وصبر على الأذى، وترويض للنفس على كتم الغيظ والتغلب على الغضب، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلَا يَشْتُمْهُ وَلَا يَسُبَّهُ، وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»، فكلما كانت الأخلاق حسنة كان الصيام أتم وأكمل، فإن الرفث والفسوق والجهالة والسباب والظلم مما يجرح الصيام وقد يبطل أجره، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
والخلاصة من ذلك أن الصيام له ثمرات وفضل عظيم عند الله عز وجل وقد اختص بنفسه بمجازاة الصائمين، لذا ينبغي علينا أن نؤدي الصيام بآدابه وشروطه، وأن نبتعد عن كل ما يجرح الصيام ويبطله، لننال الأجر الأكبر والجزاء الأوفر. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©