السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تطبيقات الذكاء الاصطناعي بين سرعة التطوير وضرورة التشريع

تطبيقات الذكاء الاصطناعي بين سرعة التطوير وضرورة التشريع
17 أغسطس 2020 00:45

شهدت العقود الماضية محاولات ومبادرات لاستخدام الآلة وأنظمة الكمبيوتر للقيام بمهام كانت قاصرة على العقل البشري. وظهرت الأتمتة، كأحد هذه الحلول التي ساهمت في قيام الكمبيوتر بتسهيل ممارسة الإنسان لبعض المهام. 
وخلال السنوات القليلة الماضية، نما استخدام الآله أكثر وأكثر، وظهر مصطلح الذكاء الاصطناعي والروبوتات في مختلف مجالات الحياة. 
وساهم التطور السريع في التقنيات المستخدمة في زيادة ثقة الإنسان في الآله، وزيادة الاعتماد عليها للقيام بمهام كانت قاصرة على العقل البشري، لذلك عرف قاموس أكسفورد الذكاء الاصطناعي بأنه تطوير أنظمة كمبيوتر قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري، مثل الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، واتخاذ القرار، والترجمة بين اللغات، والذكاء الاصطناعي مثل باقي التقنيات له فوائد كثيرة إذا أحسن استخدامه، وله مخاطر كبيرة إذا أسيء استخدامه، أو تم استخدامه في ارتكاب جرائم، لذلك قام معهد الأمم المتحدة لأبحاث الجريمة والعدالة بتأسيس مركز الذكاء الاصطناعي وأجهزة الروبوت في مدينة لاهاي، بهدف فهم ودراسة المخاطر والفوائد من استخدام الذكاء الاصطناعي من منظور الجريمة والأمن، وذلك من خلال زيادة الوعي والتعليم وتبادل المعلومات وزيادة التنسيق بين الجهات المعنية، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال الاستغلال الأمثل لتقنيات الذكاء الاصطناعي. 
وعلى المستوى الوطني، قامت مختلف دول العالم بجهود ومبادرات لوضع قواعد استرشادية وأخلاقية وزيادة الوعي بشان استخدام الذكاء الاصطناعي، وهذا الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وأجهزة الروبوت يوضح رغبة العالم بتعظيم الاستفادة من هذه التقنية وزيادة الفوائد الاقتصادية المحتملة، ورفع الكفاء التشغيلية، وتجنيب الإنسان ممارسة بعض الأعمال الخطرة. 
في المقابل، يعكس هذا الاهتمام الكبير من العالم بالذكاء الاصطناعي، القلق من الاستمرار في نمو استخدامات الذكاء الاصطناعي والروبوتات من دون إطار قانوني يوضح وينظم هذا الاستخدام، ويحافظ على أمن وسلامة المجتمع، فنحن بالتالي في حاجة إلى التوصل إلى توازن يساهم في الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتشجيع استخدامها والاستثمار فيها، وفي ذات الوقت مكافحة الاستخدامات الضارة لهذه التطبيقات. هذا التوازن المنشود يزيد من الحاجة إلى وضع إطار قانوني على المستوى الدولي والوطني، لتعزيز تكامل الجهود للاستفادة من هذه التطبيقات. 
إن أحد التحديات التي تواجه وضع إطار قانوني، هو التطور والتغير السريع والمستمر الذي يشهده الذكاء الاصطناعي والروبوتات وقدرتها المتنامية على القيام بمهام وأدوار مماثلة وأكثر دقة من تلك التي يقوم بها الإنسان في بعض المجالات. هذا التحدي يمكن معالجته بزيادة تعاون المجتمع الدولي، واتفاق مختلف الدول على العمل معاً بشفافية أكثر وزيادة التنسيق، وبالأخص بين مراكز الأبحاث، والاتفاق على النطاق الذي ينبغي أن تستمر فيه أعمال البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، وماهية الحلول لمعالجة بعض الإشكاليات التي يفرزها انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي. 
إن الحاجة للعمل على المستوى الدولي لا تحول دون استمرار الدول على العمل لوضع الأطر القانونية الوطنية التي تساهم في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات معينة، وتحفز جذب الاستثمارات وتوجيه البحث والتطوير في هذا المجال الحيوي، فقد كثر في الفترة الأخيرة، على سبيل المثال، الحديث عن الحاجة لتقنين استخدام السيارات ذاتية القيادة، وهذا الأمر يستحوذ على اهتمام كثير من الجهات المعنية، وبالأخص مراكز الأبحاث، ومصانع السيارات، وشركات النقل البري.
 في المقابل، يرى البعض أن هذه التقنية تمثل خطراً على القيادة الآمنة، ومن شأنها كذلك أن تزيد البطالة لدى سائقي سيارات الأجرة والنقل، ويتطلب استخدامها حلولاً واستعدادات لمواجهة بعض الإشكاليات القانونية التي يفرزها هذا الاستخدام، والمتعلقة بتحديد المسؤولية القانونية عند وقوع أي حادث، على سبيل المثال.
دولة الإمارات من الدول التي أولت اهتماماً مبكراً بالذكاء الاصطناعي، وأسست مجلساً للذكاء الاصطناعي، وعينت وزيراً للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، وأطلقت استراتيجية وطنية تعمل على تحفيز الاستثمار وتوحيد الجهود لاستخدام الذكاء الاصطناعي وزيادة الوعي بتطبيقاته، والمساهمة في الجهود العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي. هذه الجهود في دولة الإمارات، من شأنها أن تساهم في دعم مساعي بلورة تعاون دولي لتنظيم الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي، ووضع الحوكمة اللازمة لهذا القطاع لما فيه خير البشرية.
 دولة الإمارات دائماً سباقة ورائدة في فتح أبواب جديدة، والذكاء الاصطناعي قادر على توفير حلول لعدد من المسائل المهمة.

د. مطر حامد النيادي*
* مستشار في القانون الدولي العام

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©