الصوت.. والصمت رفيقان دائمان، يحمل كل منهما معاني ودلالات تتجاوز حدود المسموع والملموس، علاقة أزلية ولدت بولادة سيدنا آدم. الصوت والصمت هما جزء من دورة الحياة، في اللحظات الصاخبة نصمت لنحقق التوازن، وفي اللحظات الهادئة نبحث عن الصوت وإن كان مبحوحاً. إنها الحياة مزيج من الأحداث الصاخبة والهادئة الذي يشكّل نسيج وجودنا.الصوت.. هو العلامة التي تتيح لنا التواصل مع العالم بثرثرة، يلفت الانتباه، يثير العواطف، يحمل رسائل واضحة كالشمس في سماء صافية، أو مشفرة كالمعنى الذي حبسه شاعر وسط أحشائه.
الصمت.. هو فم مغلق يسجن الحروف، تتعاطف معه جوارحنا فتظهره. صمت مفجوع، صمت مظلوم، طفل ينتظر الأمل، كهل جار عليه الزمان، محتاج صده نمرود، عزيز في جلسة لئام، طريح فراش غزته الإبر وسكنت معدته الأدوية.
الصمت.. مساحة لانتظار الصوت، الهدوء الذي يسبق العاصفة أو نزول المطر، ملاذ من الفوضى والترقب، وطريقة للتواصل العميق، هو حالة من السلام أو التوتر. الصمت أبلغ من الكلام أحياناً، يعطي للعقل مساحة لملء الفراغ بالأفكار والمشاعر. الطبيعة.. هل صمتها صوت؟ أم صوتها صمت؟ غيوم باكية بصمت، وموجة ترقص بصخب، كراسي خشبية بزاوية منسية، فرحة تسترق السمع من عاشقين، وكراسي فاخرة تصرخ حزناً من صراع الأقارب.
تألم وردة قُدمت صديقتها قرباناً لمناسبة تبدو للعيان أنها سعيدة، حفيف الأشجار حولها يحتفي بقدوم الربيع، ودموع المطر التي تطرق نوافذنا المغلقة فجر يوم شتوي، وجريان نهر يحمل أسرار البشر.
* خاتمة: الصوت والصمت ليسا متعارضين بل متكاملين، قوة كل منهما تتجلى في وجود الآخر. الصوت قد يبرز ويصبح أكثر تأثيراً من الصمت، والصمت، بدوره، يمكن أن يكون أكثر عمقاً من ضجيج الصوت. هذا التوازن هو ما يجعل الحياة غنية ومعقدة. فكيف يمكن للصوت والصمت أن يتكاملا في حياتنا؟