السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ناصر الجابري يكتب: «تجارب»

ناصر الجابري يكتب: «تجارب»
16 سبتمبر 2021 01:01

وحدها التجارب تقولبنا، وتشكّلنا، وترسمنا، ومن رحمها تولد الأهداف والطموحات، وترتفع الغايات والأمنيات، تلك التي نستقي منها العبر، وبتحدياتها نتلقى لقاح الحياة، ذلك الذي يقينا من خيبات الأمل، ويتصدّى لفيروسات الإحباط واليأس، بمناعة لا تضعف وإن طالت الأيام أو قصرت. 
ليسَ العُمر تعداداً لزمن، ولا هو حاسبة ساعات، ولا معادلة رياضية تبدأُ من حيث إشراقة شمسنا الأولى على ضفاف الدنيا، إنّما العُمر مواقف، ينطلق بأول تجربة نعيها وندركها، وينتهي عندما نتوقّف طوعاً عن التجارب، فالحياة حركة قبل أن تكون روح ملتصقة، والموتُ الحقيقي هو الخوف من التجربة، تذرّعاً بالخوف من موقف قد يجعلنا ننقلبُ عن مسارات الحياة، فالمغامرة والأمل عمرٌ فوق قمر، يُضاف إلى حجم ما نشاهده يومياً من تضاريس الأرض. 
لو توقّفنا عن التّجارب والمحاولات، لما شهد العالم طفرته المعرفية والرقمية اليومْ، ولكنّا نعيش على أطلال الماضي، بين ثنايا الذكريات، وبجوار سواحل الرّتابة، ولتكرّرت الأيّام كما دقْات ساعة تعرفُ وقتها، ولكن لأنّنا انطلقنا نحو التجربة، وجدنا أنفسنا نصلُ إلى قمّة الفضاء، ونستفيق على ضوء الحضارة، ونستكشف الكون، ونسابق عجلة الأيّام ونسبقها مراراً وتكراراً، للحصول على تطبيقات جديدة وابتكارات ذكيّة، واختراعات عظيمة، لأن سيف الخوف من الفشل لم يكُن بقادر على أن يقتل شغف الحياة والتطوير والتحسين، وهكذا هو حال أولئك النّاس الذين دخلوا التاريخ من بوّابة التجارب الناجحة. 
إنّنا ونحن ننطلق تجاه الخمسين الجديدة، نستحضرُ مشهداً عصياً على النسيان في الذاكرة الإماراتية، حين رُفع علم الاتحاد لأول مرة، وقتها كانت التساؤلات حاضرة ومتزايدة عن هذه التجربة الوليدة، إلا أن الآباء المؤسسين بقيادة الوالد المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجدوا أنّ صنع التاريخ يتطلّب قناعة لا تلين، وإرادة لا تخفت، آمنوا وخطّطوا، تمسّكوا بتجربتهم، وأسّسوا لفلسفة فريدة في القيادة تقوم على أن العمل والأمل أساسان راسخان لازدهار الدول ونماء الشعوب، وذلك لا يتحقّق إلا بمجتمعات طموحة، تجدُ في التجربة خير برهان، وبأفراد يمتلكون قلباً لا يشيخ، بل يتجدّد شبابه ويقوى نبضه، مع الدخول إلى عوالم جديدة، والتعمق في المزيد من الفرص المستحدثة، لتتحوّل التّجربة إلى ابتكار جديد، فريد من نوعه غير مسبوق، هو دولة مزدهرة ورائدة بمنجزاتها وانتصاراتها، متلألئة ببنيانها ومشاريعها، مزدانة بمواطنيها ومقيميها. 
لا عذر لدينا للتوقّف عن التجارب الإيجابية، تلك التي توقد فينا جذوة الحياة، فالفترة المقبلة تتطلّب منّا العزيمة التي تنطلق بنا نحو استكشاف كواكب جديدة في فضاء الخمسين المقبلة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©