السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

أزمة «المحتوى».. هل يحلها «الروبوت» الصحفي؟!

الصحفيون يشعرون بالقلق من زميلهم الجديد (الروبوت) في غرفة الأخبار
18 سبتمبر 2021 00:33

ستوكهولم (الاتحاد) 

في البدء قامت الصحافة على الأخبار، لكنها عاشت وانتعشت على المحتوى المتنوع الثري. والآن، بعد عقود طويلة من انطلاقتها الأولى، تبدو صحف كثيرة حول العالم، كأنها تعاني أزمة بنيوية خطيرة.. اسمها «المحتوى»، نعم «المحتوى».
فعلى الرغم من الكم الهائل من القضايا والأحداث التي تعصف بالعالم، يجد البعض صعوبة في العثور على محتوى ثري ولائق وجذاب يشبع جوع الجمهور المتلهف على مدار الساعة - كوحش نهم -للمعلومات والبيانات والأفكار، بجانب الأخبار طبعاً.
لكن مع ظهور طفرة «السوشيال ميديا»، تجد كثيراً من الصحف نفسها في حيرة من أمرها. لا تدري في أي طريق تمضي. لا هي قادرة على الانطلاق بقوة على طريق الصحافة المطبوعة.. لأنه تنقصها بعض شروط الجودة. ولا هي قادرة على التحليق عالياً في فضاء «الميديا» الجديدة؛ لحداثة التجربة وكثرة الضغوط .. كأنّها تواجه أزمة منتصف العمر. والوقت لا يرحم - ولا القارئ- ، والمساحات الفارغة شاسعة كالصحراء، على الصفحات المطبوعة أو الرقمية.. فما الحل؟!
إنه الذكاء الاصطناعي الذي يعالج كل داء ويجبر كل كسر ويسد كل نقص. والبشرى تأتي هذه المرة من الدول الاسكندنافية، حيث تشهد الصحافة تجربة ثرية يمكن أن تسفر عن الكثير من النتائج الواعدة مع وصول الروبوتات الذكية إلى غرف الأخبار. صحيح أنها وصلت متأخرة بعدما اجتاحت كل قطاع.. لكن الأهم أنها وصلت بإمكانات فائقة تستمدها مما ينطوي عليه الذكاء الاصطناعي من قدرات خارقة. فماذا ستفعل؟
ابتكرت شركة يونايتد روبوتس السويدية ما يمكن اعتباره «روبوتا» صحفياً يقدم محتوى فريداً بالاستفادة من كمية هائلة من البيانات، يحولها الذكاء الاصطناعي إلى مقالات للنشر بسرعة وبكميات ضخمة تفوق قدرة الصحفيين البشر.
وقد نجحت هذه المنصة في إنتاج أكثر من أربعة ملايين مقال للناشرين في شتى المجالات من الرياضة إلى الطقس، مروراً بالعقارات وأخبار المرور، منذ 2015.
يقول تقرير نشره موقع «برس جازيت» البريطاني المتخصص في قضايا الصحافة الحديثة إنه ربما يتساءل الصحفيون: أين سيكون دورنا حينئذ؟!. والرد هو أن الروبوتات الصحفية بقدرتها الإنتاجية الضخمة، ستمنح الصحفيين الفرصة والوقت من أجل وضع بصمتهم الإبداعية على مواد صحفية أخرى.. وهي وظيفة لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها.
ويضيف التقرير أن النجاح الكبير الذي تحققه الشركة التقنية السويدية الرائدة في هذا المجال وراءه صحفيون سابقون، من الرئيس التنفيذي حتى مدير المبيعات. وبالفعل كان هيننج يوهانسون رئيس قطاع الإنتاج في الشركة مديراً لقسم الرياضة في «ميتميديا» إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في السويد عندما أصبحت المجموعة شريكاً لمؤسسة «يونايتد روبوت» في 2016.
وكان يوهانسون هو الذي قام بتدريب أول روبوت في قسم الرياضة لإعداد تقارير صحفية عن مباراة محلية فور انتهائها.
يتذكر يوهانسون، أنه كان في البداية هو وفريق قسم الرياضة تساورهم الشكوك بشأن عمل الروبوتات الصحفية. ويضيف: كنا نقول إنها ستدمر المهنة، وكنا نتساءل كثيراً عما إذا كان عمل هذه الروبوتات سيكون بمثل جودة تقاريرنا الصحفية؟!.
لكنه اكتشف أن جودة المواد الصحفية التي أنتجها الروبوت كانت عالية.واكتشف الصحفيون - كما يقول يوهانسون - إنه لم يعد يتعين عليهم حضور كل مباراة بشكل شخصي للكتابة عنها. وبالتالي أصبح أمامهم مزيد من الوقت لكتابة قصص إخبارية أخرى ليس بمقدور الروبوتات الكتابة عنها.
وبعد نجاح التجربة في قسم الرياضة، فكرت الشركة في التوسع في الاعتماد على هذه الخدمات «المؤتمتة».
ووقع الاختيار على قسم الاقتصاد خاصة فيما يتعلق بتقارير السوق العقارية التي كانت تحظى بمتابعة هائلة.، لكن لم يكن ثمة وقت أو جهد لإنتاج المزيد. وبعد الاعتماد على الروبوت الصحفي زاد عدد هذه التقارير من اثنين شهرياً إلى 480 أسبوعياً بجميع المواقع الـ 19 المحلية التابعة للمؤسسة. وفي عام واحد فقط أنتج الروبوت الصحفي نحو 62 ألف مقال سجلت 7.4 مليون مشاهدة على الإنترنت، وبلغ العدد في الإجمال أكثر من 17 مليون مشاهدة وبيع 900 اشتراك.
وخلال ستة أعوام، نجحت الشركة السويدية في بيع المحتوى الذي تنتجه الروبوتات الصحفية إلى 85 في المئة من المواقع المحلية السويدية وللناشرين المحليين في النرويج.
لكن ثمة مخاوف بشأن تأثيرات ذلك على مستقبل الصحفيين، خاصة مع توجه كثير من المؤسسات الصحفية إلى ضغط الإنفاق، وزيادة الإنتاج لتعويض نقص الإعلانات. لذلك ينظر كثير من الصحفيين بعين الشك إلى زميلهم الجديد في غرفة الأخبار.. الصحفي الروبوت.
القراء أيضا - خاصة في منطقتنا - لابد وأنهم سيشعرون بالقلق من أن تصبح مقالات الروبوتات بالمستقبل نسخة جديدة مما يعرف الآن باسم صحافة الـ press relase.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©