السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الدلّال».. الحَكَم المنصف

يوسف البلوشي أثناء الدلالة على السلع (تصوير: علي عبيدو)
10 ابريل 2023 04:19

لكبيرة التونسي (أبوظبي) 

«الدلالة» مهنة متأصلة عند أهل الإمارات، زاولها الأجداد منذ القدم، وهي نشاط يعكس جانباً مهماً من ثقافة وتراث المجتمع. يتميز صاحبها بحكمة واقتدار داخل السوق، فهو الحكم والمنصف بين التجار والمستهلك والمسيطر في الميدان، يحدد بالعين ويعاين الكمية ويفتح المزاد. ونظراً لما يتميز به بعض «الدلالين» من مهارة، باتوا محط اهتمام التجار الذين يتواصلون معهم ويحجزونهم للترويج لسلعهم، والوقوف على بيعها وتصريفها بحنكة داخل السوق.
طقوس وعادات
«الدلالة» ثقافة متأصلة في المجتمع، وموروث شعبي ارتبط بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، رافقتها طقوس وعادات وتقاليد، ارتبطت بالرجال الذين أوجدوا بذكائهم الفطري طرقاً عدة لبيع المواد الاستهلاكية والمواشي بالجملة وإدارة السوق باقتدار. وهي حرفة أساسية اشتهر بها أهل البحر والبر، وفضاءاتها في بعض الأسواق الشعبية وما تحويه من عبق الماضي العريق، تحيي مَشاهد من التاريخ القديم.
مهارة
سمير البلوشي عايش مهنة «الدلالة»، وهو شاهد على حرفة قادها الأجداد بحنكة في الأسواق الشعبية القديمة، ويعيد تمثيل أدوارها في المهرجانات التراثية والثقافية من أجل التعريف بهذا الموروث المتأصل. وفي مشهد حي، يفتح المزاد بناء على الكمية والنوع، وبأعلى صوته يبدأ بمناداة الزبائن الذين ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر، حيث المنافسة على اقتناء السلع والمواد والمواشي ذات الجودة العالية.

جودة السلع
يذكر البلوشي أن «الدلالة» مهنة ارتبطت بها مجموعة من العادات والتقاليد الأصيلة، موضحاً أن المزادات هي تطور للمهنة. و«الدلال» يتحمل مسؤولية تقييم الأنواع وجودة السلع، إذ يحرص على عرض أجود الأنواع من المواد الاستهلاكية والمواشي، كما يتميز بالمهارة والذكاء، ولديه القدرة على تسعير السلع وتصنيفها ورصد كمياتها بالنظر بالعين أو بالمقاييس المتاحة وإدارة المزاد. ويشير البلوشي إلى أن «الدلالة» كانت تتم في الأحياء السكنية الشعبية لاقتناء مؤونة الأعراس والأفراح والأعياد والمناسبات، حيث كانت المصدر الأساس للتزود بالسلع والمواد وحتى الأقمشة وما يحتاج إليه السكان. ويوضح أن الإقبال على اقتناء المواد يكون في المناسبات الكبيرة، مثل الأعراس، حيث يتنافس الجميع على شراء مؤونة العرس لإهدائها له ومساعدته على توفير ضيافة الحفل من حطب ومواشٍ ولومي وفحم وسواها.
إحياء الدور
يقدم البلوشي حرفة «الدلال» بشكلها الأصلي، حيث يسمح للناس بالاستمتاع بالأجواء الحيوية في المزاد، ومشاهدة كيف كان الأولون يقومون بهذه الخطوات. ويؤكد أن سير العمل في سوق السمك، هو نفسه كما في الماضي، من مراعاة الجودة، وبداية مراسم «الدلالة»، حيث يأتي الناس وقت المزاد، ويبدأ «الدلال» بالمزاد ويشتري عامة الناس ويتزايدون على السلع ضمن منافسة كبيرة، حيث يكون المزاد مفتوحاً، للتاجر والمستهلك ممن يرغبون في شراء السلع المعروضة، موضحاً أن سوق «الدلالة» «قائم بذاته، ويعتمد على أساليبه القديمة في إدارة عملية البيع والشراء».
مكبِّر الصوت
ويشير البلوشي إلى أن المزاد كان يعتمد قديماً على رفع الصوت ليصل إلى الجميع، حيث كانت أعداد الزبائن قليلة، وكانت الأسعار ترتفع بسرعة، إلى أن تم استخدام مكبِّر الصوت لكي يسمع القريب والبعيد، لافتاً إلى أن رحلة المزاد تكون على فترة صباحية ومسائية. ويوضح أن «الدلال» على صلة دائمة بالتجار، حيث يخبرونه بتوفير مواد قيمة سواء من توابل أو فحم وحطب وأقمشة ومواشي وسواها من المواد التي يحتاج إليها المستهلك، مؤكداً أن المواد المعروضة كانت تتميز بالجودة العالية والقيمة، حيث كان التجار يحرصون على جلب السلع النادرة والتوابل والأقمشة، وكانت المواد تتضمن أيضاً اللؤلؤ والتوابل. 

سير العمل
قال سمير البلوشي، إن التاجر أو من ينوب عنه يقوم بعرض سلعه أمام الراغبين في الشراء، ثم يتكفل أحد أفراد الجمهور بطرح السعر الذي يراه مناسباً، فيقوم «الدلال» بالترويج له بأعلى صوته حتى يسمع الجميع. ويعتبر «الدلال» الحَكَم بين البائع والمشتري، وله الكلمة النهائية لمن تعود له السلعة. ويتحمل «الدلال» مسؤولية إدارة المزاد انطلاقاً من مسؤولياته التي تحتم عليه الوقوف ضد التصرفات التي تسيء إلى التجارة. ويأخذ الدلال ممن يعرضون حاجاتهم للدلالة، ويتنقل بها بين المشاركين في المزاد، معلنا السعر الذي بلغته 
وسوق الدلالة إما يكون صغيراً في حلقة واحدة أو كبيراً متفرعاً بعدة دلالين، كل يعرض بضاعة مختلفة. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©