السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السودان.. المعارك تفاقم الأزمة الإنسانية وتهدد القطاع الطبي

السودان.. المعارك تفاقم الأزمة الإنسانية وتهدد القطاع الطبي
20 ابريل 2023 03:22

دينا محمود، الاتحاد (الخرطوم، لندن)

وسط مخاوف من اتساع رقعة المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتصاعد تحذيرات العاملين في مجال الإغاثة، من أن استمرار المواجهات الحالية، يفاقم الأزمة الإنسانية التي تضرب السودان، منذ سنوات عدة، بفعل الاضطرابات السياسية والضائقة الاقتصادية المتزايدة، بجانب تبعات تفشي وباء كورونا.
فالاشتباكات اندلعت في النصف الأول من عام، بلغ فيه عدد المحتاجين لإمدادات إغاثية في السودان، قرابة 15.8 مليون شخص، أي ما يناهز ثلث السكان، وهو مستوى قياسي، يثير مخاوف من أن الصدام العسكري الراهن، قد يُخلّف تأثيرات وخيمة، على مواطني أحد أكبر البُلدان في أفريقيا بأسرها.
وتتفاقم هذه التأثيرات على ضوء المعطيات، التي تؤكد تدهور الوضع الإنساني في السودان بشكل مطرّد منذ عام 2021، على وقع تصاعد الأزمة السياسية، وهو ما تزامن وقتذاك، مع نزوح آلاف الأشخاص من ديارهم، في مناطق مثل النيل الأزرق ودارفور وبورسودان وجنوب كردفان.
ووفقاً لخبراء تحدثوا لموقع «ذا نيو هيومانيتريان» الإلكتروني، يُخشى من أن تمتد الانعكاسات الإنسانية الكارثية للقتال الدائر في السودان، والذي يتركز الجانب الأكبر منه في العاصمة على ما يبدو حتى الآن، إلى مناطق يصعب على منظمات الإغاثة الإنسانية الوصول إليها.
وأبرز الخبراء، ما أدت إليه المعارك في أيامها الأولى، من إجبار ملايين السودانيين على البقاء داخل منازلهم، خشية أن يفقدوا حياتهم، جراء الاشتباكات والغارات الجوية المتواصلة التي قادت لمقتل وجرح المئات، فضلاً عن انقطاع الماء والتيار الكهربائي عن العديد من المناطق، وشُح المواد الحيوية.
كما أرغم القتال، برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، على تعليق أنشطته، ووقف توزيع مساعداته على المحتاجين إليها في السودان مؤقتاً، بعدما قُتِل ثلاثة من العاملين فيه، جراء الاشتباكات في دارفور، وذلك في وقت أدى فيه احتدام المعارك، إلى عرقلة وصول الفرق الطبية إلى المستشفيات.
ودفع ذلك الكثير من الأطباء السودانيين للتحذير، من أن القتال الحالي، هو الأسوأ من نوعه في تاريخ وطنهم، فيما يتعلق بتبعاته الإنسانية المأساوية، وسط تدفق للجرحى، وُصِفَ بأنه غير مسبوق، وهو ما يتوازى مع تناقص متسارع، في المستلزمات والإمدادات الطبية، وعلى رأسها أكياس الدم في بعض المستشفيات والعيادات، للسعي للحصول على ما ينقصهم من هذه المؤن، من الصيدليات القريبة منهم.
وأشار عدد من هؤلاء الأطباء، إلى أن المنشآت الطبية في مناطق سودانية مختلفة، كانت تعاني من تناقص مخزوناتها من الدم، حتى قبل اندلاع المواجهات الحالية، وهو ما تزايد إثر نشوبها بطبيعة الحال، في ظل ارتفاع عدد من يُنقلون إليها من جرحى، أصيبوا بأعيرة نارية، أو شظايا قذائف هاون.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، حذر أطباء سودانيون من أن المواجهات المستمرة تزيد الضغوط على الطاقة الاستيعابية للمستشفيات التي توشك على الانهيار، قائلين إن التأخر في تقديم الإسعافات الطبية لأولئك الجرحى، أو العجز عن ذلك، يهدد في بعض الأحيان، بأن يُترك هؤلاء لينزفوا حتى الموت، لا سيما وأن العديد من المنشآت الطبية، تقع بالقرب من خطوط المواجهة، وبالأخص تلك القريبة من القصر الجمهوري، ومقر قيادة الجيش في الخرطوم.
وذكر شهود عيان لـ«الاتحاد» أن تكلفة الانتقال من العاصمة إلى خارجها تضاعفت مع تشكل سوق سوداء من أصحاب سيارات الأجرة يقدمون خدمات النقل بعشرة أضعاف الأسعار الطبيعية.

وازدادت الأوضاع المعيشية سوءاً في الخرطوم مع انقطاع الكهرباء وندرة المياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرتها.
وتركزت المعاناة الإنسانية في الخرطوم بالأحياء التي تشهد اشتباكات عنيفة مثل «شارع الستين وشرق النيل، شرق العاصمة، محيط القيادة العامة ومحيط مطار الخرطوم، وسط العاصمة، شمال العاصمة، وجبرة».
وحذر مصدر سوداني في تصريح لـ«الاتحاد» من تلاشي مخزون المواد الغذائية، مشيراً إلى أن المخزون الاستراتيجي لا يكفي سوى شهر واحد واعتماد المدينة على المواد الغذائية من الأقاليم، في ظل انقطاع نقل السلع الغذائية، خاصة من منطقة الجزيرة «جنوب الخرطوم».
وقال مصطفى أبا ذر، صاحب مخبز لـ«الاتحاد» إن إمدادات المواد الأولية من دقيق ووقود متوقفة منذ بداية الاشتباكات، ما تسبب في خروج عديد المخابز من الخدمة، وبدأت تظهر بوضوح الطوابير الطويلة أمام المخابز العاملة.
وذكر مصدر أن العاصمة على شفا أزمة غذائية متكاملة الأركان، فالإمدادات بكافة أشكالها متوقفة منذ أيام، فلا مواد أولية تصل المصانع المغلقة في الأساس.
وفي القطاع الصحي، توقفت 39 مستشفى من إجمالي 59 مستشفى في الخرطوم عن تقديم الخدمات للمرضى، بحسب اللجنة الطبية السودانية.
وما زالت الخرطوم تعيش في ظلام دامس مع انقطاع دائم للكهرباء، خاصة مع توقف عمليات شحن الكهرباء في ظل إغلاق منافذ البيع. في الوقت نفسه، بعض القطاعات لم يكن لها أي نصيب من التحسن خلال الهدنة، فأكد عديد السودانيين أن القطاع المصرفي أصبح خارج الخدمة تماماً، فمقار البنوك مغلقة وماكينات الصرف خارج الخدمة، ومؤخراً توقفت خدمة التطبيقات، ما يعني شلل الحركة النقدية تماماً داخل البلاد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©