الأربعاء 10 ديسمبر 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منصّة فكرية ترسم خريطة طريق لمواجهة التطرف وتعزيز السلام

محمد العلي وعدد من المشاركين خلال المؤتمر الصحفي (من المصدر)
24 نوفمبر 2025 01:17

أبوظبي (الاتحاد) 

شهدت العاصمة الكندية أوتاوا حدثاً استثنائياً استضافه مبنى البرلمان الكندي ومجلس الشيوخ، حيث عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة مع البرلمان، والمجلس العالمي للأئمة، مؤتمراً صحفياً دولياً، أعقبه منتدى برلماني رفيع المستوى حول «السلام والأمن».
جاء الحدث، في اليوم الأخير لجولة «تريندز» البحثية في كندا، بدعوة من النائب الكندي البارز شوف ماجومدار والسيناتور ليو هوساكوس، وشكّل منصة فكرية ناقشت ملفات محورية، أبرزها تفكيك أيديولوجيا جماعة «الإخوان»، وتسليط الضوء على «الاتفاقيات الإبراهيمية» كنموذج للسلام الواقعي في الشرق الأوسط. 
بدأت الفعاليات بمؤتمر صحفي تحدّث فيه الإمام محمد التوحيدي، مستشار شؤون مكافحة التطرف والإرهاب في «تريندز» وعضو الهيئة الحاكمة في المجلس العالمي للأئمة، إلى جانب الباحثة شمسة عارف القبيسي، من مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
وأشاد التوحيدي بالنموذج الإماراتي، قائلاً: «لقد أثبتت الإمارات للعالم ما يمكن تحقيقه عندما تختار أمة الحوار والتسامح بدلاً من الانغلاق»، مشيراً إلى أن القيم الإماراتية تتقاطع جوهرياً مع القيم الكندية القائمة على التعددية والعدالة، لافتاً إلى أهمية توقيت الحدث الذي تزامن مع زيارة رئيس الوزراء الكندي إلى دولة الإمارات.
وقدّمت الباحثة شمسة القبيسي عرضاً تضمّن أرقاماً تعكس الريادة البحثية لمركز تريندز، مؤكدة إنتاج أكثر من 1000 ورقة بحثية و40 كتاباً، وتوقيع أكثر من 300 اتفاقية دولية، بما فيها شراكات مع مؤسسات عالمية، مثل مايكروسوفت وجامعة كامبريدج.

مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة 
عقب المؤتمر الصحفي، انتقلت الوفود إلى قاعة مجلس الشيوخ الكندي لعقد المنتدى البرلماني لتعزيز التعايش السلمي ومكافحة التطرف، تحت شعار: «رؤى تشاركية وتطبيقية». وتميّز المنتدى بحضور نوعي، ضم وفد «تريندز» البحثي عبر مكتبه الافتراضي في كندا، برئاسة الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي للمركز، والإمام محمد التوحيدي، على رأس وفد مجلس الأئمة العالمي (GIC)، إلى جانب السيناتور ليو هوساكوس وعدد من النواب، يتقدمهم شوفالوي ماجومدار، ميليسا لانتسمان، وأنتوني هاوسفاذر، وغريغ فيرغوس، إضافة إلى دبلوماسيين، والرئيس السابق للمخابرات الكندية ريتشارد فادن.
كما حضر قادة دينيّون بارزون، من بينهم الإمام حسن إسماعيل طرب، والحاخام حاييم مندلسون، والقس ريموند دي سوزا. وعلى مستوى المؤسسات الفكرية، شارك المحامي الدولي إيروين كوتلر، والرئيسة التنفيذية لمنظمة «كندا الآمنة» شيريل سابيريا، ومدير معهد MLI برايان كراولي، والصحفي البارز ستيف بايكين. كما شارك عدد من النواب البرلمانيين، من بينهم رومان بابِر وجاكوب مانتل، إلى جانب نخبة من الباحثين والمديرين والمستشارين.
أدار الجلسات الصحفي ستيف بايكن، وافتتح السيناتور هوساكوس المنتدى بكلمة، أكد فيها أن البرلمانات ليست مجرد ساحات للتشريع، بل «خط الدفاع الأول» في مواجهة التهديدات الأمنية والأفكار المتطرفة.
وفي الكلمة الرئيسية، شدّد الدكتور محمد عبدالله العلي على أن السلام العالمي لا يتحقق بالنوايا الحسنة فقط، بل يتطلب شجاعة ووضوحاً أخلاقياً في مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، وفي مقدمتها أيديولوجية جماعة «الإخوان» «المظلة التي خرجت من تحتها التنظيمات المتطرفة كافة».
و كما استعرض نجاح دول الخليج في تفكيك شبكات الجماعة، مشيراً إلى أن الرؤية الإماراتية للسلام، المتمثلة في «البيت الإبراهيمي» و«الاتفاقيات الإبراهيمية»، تنسجم بشكل كامل مع القيم الكندية.
واختتم العلي كلمته بطرح خريطة طريق خماسية للتعاون مع المؤسسات الكندية، تُركّز على مواجهة التطرف بالأدلة العلمية، ودعم القيادة الدينية المعتدلة، وتعميم ثقافة الاتفاقيات الإبراهيمية، موجّهاً الشكر للمجلس الإسلامي العالمي وللإمام محمد التوحيدي، واصفاً إياهم بالشركاء الموثوقين في تعزيز الاعتدال والسلام.

تفكيك خطاب «الإخوان» 
خُصصت الجلسة الأولى لمناقشة «تطرف الإخوان المسلمين وتداعياته على كندا»، وقدم خلالها الدكتور وائل صالح، مدير مكتب تريندز الافتراضي في كندا ومستشار شؤون الإسلام السياسي بتريندز، مداخلة فكرية رصينة استندت إلى نظرية «أفعال الكلام» لأوستن، موضحاً أن خطاب «الإخوان» يُنتج العنف ويمنحه الشرعية الرمزية. وأكد أن الإسلاموية مشروع مناهض للحداثة، وأن تصوّر «الإخوان» للدولة يتعارض مع مبادئ المواطنة، محذراً من استهداف «الجماعة» للمسلمين غير الإسلامويين.
وطرح الدكتور صالح خريطة طريق من ثلاثة مسارات، إطار أخلاقي يمنع «تبييض العنف»، وتعزيز أصوات المسلمين المستنيرين، وكشف الاستخدام الجيوسياسي للإسلاموية.
وقدّمت الباحثة بدرية الريامي، ورقة بحثية باللغة الإنجليزية تناولت التناقض بين أيديولوجيا الإخوان ومبادئ «وثيقة الأخوة الإنسانية» و«الاتفاقيات الإبراهيمية»، موضحة كيف واجهت الجماعة مبادرات السلام بالرفض ووصفتها بـ «المؤامرات». واستشهدت بمقولات يوسف القرضاوي لإبراز الطبيعة الإقصائية للجماعة القائمة على الصراع والهيمنة.

اتفاقيات إبراهيم والدبلوماسية البحثية  
انتقلت النقاشات في الجلسة الثانية إلى محور «اتفاقيات إبراهيم – نموذج السلام الجديد»، حيث تمّت مناقشة الفرص الاقتصادية والأمنية التي خلقتها هذه الاتفاقيات، وكيف يمكن لكندا الاستفادة منها.
وفي مداخلة ثانية، ركّزت الباحثة شمسة القبيسي على البُعد الكندي في عمل «تريندز»، مؤكدة أن هدف المركز «ليس رمزياً، بل عملي»، كاشفة عن التوسع في التعاون البحثي مع المؤسسات الكندية، وإصدار أوراق حول السياسات التعليمية وتحليل المعلومات الرقمية، وتعزيز التعاون مع جامعات مونتريال وكارلتون. 

أصوات برلمانية ومجتمعية 
شهدت الجلسة تفاعلاً واسعاً من النواب الكنديين، حيث أكدت النائبة ميليسا لانتسمان والنائب أنتوني هاوسفاذر، أن الاتفاقيات الإبراهيمية تمثّل فرصة تاريخية لكندا للعب دور أكبر في الشرق الأوسط. كما قدّمت شيريل سابيريا وبرايان كراولي، رؤى حول تحويل مبادئ الاتفاقيات إلى سياسات تدعم الأمن القومي. وختم ممثّل مجلس الآغا خان زول قسامالي، بالتأكيد على دور المجتمع المدني في تحويل التسامح إلى ممارسة يومية. 

تكريم وتقدير 
وفي ختام أعمال المنتدى، وتحت قبة البرلمان في العاصمة الكندية أوتاوا، قدّم المنتدى البرلماني للسلام والأمن جائزة تقديرية للدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، اعترافاً بقيادته الاستثنائية في تعزيز التفاهم العالمي عبر البحث، ورؤية تريندز لمكافحة التطرف، وترسيخ قيم التسامح، وتعزيز التعاون الدولي. كما وصفت الجائزة مركز تريندز، بأنه «منارة عالمية لصناعة المعرفة في الشرق الأوسط والعالم».
واختُتم المنتدى بجلسة أسئلة موسعة عكست اهتماماً كندياً متزايداً بفهم المنطقة وتحديات الإسلام السياسي. وفي ختام الحدث، تم تكريم الدكتور محمد عبد الله العلي بجائزة «شخصية العام»، تقديراً لقيادته «تريندز» كمنارة بحثية عالمية في مجال مكافحة التطرف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©