الإثنين 17 يونيو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«النينيو».. غضب «الهادئ»

«النينيو».. غضب «الهادئ»
26 مارس 2022 00:54

أحمد مراد (القاهرة)

عادة ما تشهد المحيطات العشرات من الظواهر التي تتسبب في تغيرات مناخية حادة، أبرزها ما يُعرف بـ «ظاهرة النينيو» أو «النينو» التي تؤثر على درجة حرارة سطح المحيط الهادئ، الأمر الذي يصاحبه موجة عنيفة من الاضطرابات المناخية الحادة.. فما هي ظاهرة «النينيو»؟

ثورة المياه الدافئة
توصف ظاهرة «النينيو» بأنها دورة مناخية تحدث في المحيط الهادئ، وتتسبب في ارتفاع كبير في درجة حرارة المياه السطحية في المحيط، وتحدث هذه الدورة المناخية عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادئ من الجهة الغربية إلى الجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل قارة أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء، وبعدها تطفو المياه الدافئة على مياه شمال غرب القارة اللاتينية.
وفي تعريف آخر للظاهرة المناخية، يشير العلماء والباحثون إلى أن ظاهرة «النينيو» عبارة عن احترار غير طبيعي لمياه المحيط الهادئ السطحية، وتحدث عندما تضعف الرياح المعروفة بـ «الرياح التجارية الغربية»، الأمر الذي يؤدي إلى دفع الماء الدافئ شرقاً باتجاه الساحل الغربي لقارتي أميركا الشمالية والجنوبية.
وعندما تنتقل المياه الدافئة من شرق المحيط الهادئ إلى غربه، يتسبب الأمر في حدوث الجفاف الشديد في مناطق غرب المحيط الهادئ، وهطول الأمطار في المنطقة الشرقية التي عادة ما تكون جافة. 
أما خلال الظروف العادية في المحيط الهادئ، فالرياح التجارية تهب غرباً على طول خط الاستواء، وتأخذ المياه الدافئة من أميركا الجنوبية باتجاه آسيا، ثم ترتفع المياه الباردة من الأعماق لتحل محل المياه الدافئة على السطح، وهي العملية التي تُعرف بـ «الصعود إلى السطح»، وتعمل ظاهرة «النينيو» على كسر عملية الصعود إلى السطح، ومن ثم ترتفع درجة حرارة المياه السطحية في المحيط.

9 أشهر من الاضطرابات 
رغم أن ظاهرة «النينيو» تحدث بشكل متكرر، إلا أنها لا تحدث وفقاً لجدول زمني منتظم، وفي المتوسط تحدث كل 3 إلى 7 أعوام، وتستمر من 9 إلى 12 شهراً، وفي العادة تبدأ خلال فصل الربيع، وتصل إلى الذروة خلال الفترة بين شهري ديسمبر ويناير، وتختفي بحلول شهر مايو، وتشهد هذه الفترة عدة اضطرابات مناخية تؤثر على العديد من الدول.

موجات القرن العشرين 
شهد القرن العشرون بعض موجات ظاهرة «النينيو»، وكان أشدها الموجة التي حدثت خلال عام 1982، واستمرت لعام كامل، وسُجلت درجات حرارة مرتفعة في مياه المحيط الهادئ.
واعتبرت هذه الموجة الأشد على مدار التاريخ، وتسببت في حدوث كوارث مناخية في معظم قارات العالم، منها الجفاف والحرائق في أستراليا، وأفريقيا، وإندونيسيا، وفي المقابل تسببت في الأمطار الغزيرة في بيرو.
كما تسببت هذه الموجة في قتل أكثر من 50% من الشعاب المرجانية في بنما، و99% من الشعاب المرجانية في غالابوغوس.
كما شهد عام 1992 موجة أخرى من موجات ظاهرة الـ «نينيو» ترتب عليها العديد من النتائج الكارثية على المزارعين والصيادين في العديد من دول العالم، وتكررت الموجة في عام 1997، واستمرت لعام كامل، وتسببت في قتل نحو 80% من الشعاب المرجانية في الحيد المرجاني العظيم.
وفي العشرين عاماً الأولى من القرن الحادي والعشرين، لوحظ حدوث ظاهرة «النينيو» في مناطق أخرى غير المنطقة التقليدية في وسط وشرق المحيط الهادئ، وقد صُنفت موجة «النينيو» التي حدثت في العام 2005 بأنها الأشد فتكاً بالأحياء البحرية.

حرائق وخسائر
في عام 2015، تسببت ظاهرة «النينيو» في معاناة مناطق جنوب شرق آسيا من أسوأ حلقة ضباب على الإطلاق، الأمر الذي جلب طقساً أكثر جفافاً إلى المنطقة، مما تسبب في اشتعال حرائق الغابات المتطايرة في إندونيسيا. وبحسب تقديرات البنك الدولي، كلفت الحرائق إندونيسيا أكثر من 16 مليار دولار، فضلاً عن أن التلوث تسبب في 100 ألف حالة وفاة مبكرة في إندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورة.

300 عام
رُصدت ظاهرة «النينيو» لأول مرة في التاريخ خلال القرن السابع الميلادي، وقد رصدها صيادون في قارة أميركا الجنوبية بعدما لاحظوا أن الماء الدافئ يستمر في المحيط الهادئ لفترات أطول من المعتاد. وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه الظاهرة تسببت في ضعف إنتاج المحاصيل الزراعية في أوروبا بين عامي 1789 و1793، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفقر ونقص الغذاء.

طفل المناخ الشقي
كان الصيادون في بيرو، الواقعة في أميركا الجنوبية، أول من أطلقوا على هذه الظاهرة اسم «النينيو»، وهي كلمة إسبانية تعني «الولد الصغير»، وفي رواية أخرى تعني «المسيح الطفل»، وذلك بسبب حدوثها خلال فترة أعياد الميلاد.  أما في شرق قارة آسيا، فتعرف ظاهرة «النينيو» باسم «طفل المناخ الشقي» نظراً لارتباطها بالاضطرابات المناخية.

طقس متطرف
يترتب على ظاهرة «النينيو» العديد من الأضرار التي تلحق بالأحياء البحرية والسكان الذين يعيشون في مناطق حدوثها، فضلاً عن تسببها في حدوث تغييرات هائلة ومتطرفة في أنماط الطقس، حيث تتسبب هذه الظاهرة في زيادة هطول الأمطار في بعض المناطق، وتتسبب في حدوث الجفاف في مناطق أخرى.
كما تؤدي درجات حرارة المحيط الأكثر دفئاً من المتوسط إلى زيادة الأعاصير في شرق المحيط الهادئ، الأمر الذي يساهم في زيادة نشاط مواسم العواصف الاستوائية.
وتؤثر التغييرات المصاحبة لظاهرة «النينيو» على الأنواع المائية والطيور البحرية بشكل كبير، حيث إن درجات الحرارة المتغيرة تؤثر على العوالق والأعشاب البحرية، ولذلك فإن الأسماك والطيور البحرية تهاجر إلى مناطق أخرى أو تموت بسبب عدم وجود ما يكفي من الغذاء للعيش عليه.

لا توقعات صحيحة
لم يحدد العلماء سبباً واضحاً لنشوء ظاهرة «النينيو» والحالات التي تتكرر فيها، ومن ثم لا يمكن التنبؤ بها قبل حدوثها، ورغم ذلك يحاول العلماء التوصل إلى طريقة جيدة للتنبؤ بظاهرة «النينيو»، حيث يراقبون درجات الحرارة في أعلى 656 قدماً أو ما يعادل 200 متر من سطح المحيط، ويرصدون التحول في درجات الحرارة من غرب المحيط الهادئ إلى شرقه، ورغم ذلك لا تؤدي هذه الطريقة إلى توقعات صحيحة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©