تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أعرب المخرج الإماراتي ماجد الأنصاري عن سعادته بعرض فيلمه الروائي الجديد «حوبة» في عرضه العالمي الافتتاحي الأول في مهرجان «فانتاستيك فِست 2025»، الذي يُقام في أوستن بولاية تكساس في سبتمبر المقبل. ويُعد الفيلم، الذي تولت إنتاجه «إيمج نيشن أبوظبي» و«سبوكي بيكتشرز»، من فئة أفلام الرعب النفسي والتشويق، يشارك في بطولته جاسم الخراز، بدور محمد، سارة طيبة، وإيمان طارق. وبعد عرضه العالمي في «فانتاستيك فِست»، من المقرر أن يُعرض جماهيرياً في صالات السينما المحلية 30 أكتوبر المقبل، ليقدم للجمهور تجربة سينمائية آسرة.
أوضح الأنصاري أن «حوبة» الذي تعاون في إنتاجه روي لي، ستيفن شنايدر، ديريك داوتشي، ورامي ياسين، فيما الإنتاج التنفيذي لكل من محمد حفظي وياسر الياسري، يقدم حكاية مؤثرة تأسر المشاهد ضمن أجواء من الرعب المشوّقة، وتدور أحداثه حول أماني التي تؤدي دورها الممثلة الإماراتية بدور محمد، الزوجة التي تنقلب حياتها رأساً على عقب عندما تأتي إلى منزلها «زهرة» التي تلعب دورها الممثلة سارة طيبة، وتشعر بوجود ظواهر خارقة للطبيعة.

ترفيه تقليدي
الأنصاري، الذي أخرج سابقاً فيلمي «زنزانة» «وما وراء الطبيعة»، يرى أنه يجد نفسه في هذه النوعية المميزة من الأفلام، وقال: لقد أسهم كل عمل شاركت فيه في تعميق فهمي وتقديري لكل نوع من أنواع الأفلام والسينما، وإدراك قدرتها على تقديم ما يتجاوز حدود الترفيه التقليدي. ففي «زنزانة»، كان التركيز على بناء عنصر التشويق ضمن بيئة محصورة، الأمر الذي أتاح لي التفاعل مع التوتر بصورته النقية والمكثفة. أما في «ما وراء الطبيعة»، فقد وجدت في المزج بين النوع السينمائي والحنين الثقافي وسرد القصص المتسلسل مساحة واسعة للتجريب التعبيري. واليوم، أجد نفسي مع فيلم «حوبة» في مرحلة يُصبح فيها النوع السينمائي وسيلة للتعبير عن حكايات تنبض بالخصوصية وتتسم بعمق إنساني وعاطفي.
وتابع: لا يقتصر «حوبة» على تقديم الرعب في صورته التقليدية، بل يغوص في التوترات العاطفية والاجتماعية، والتفكك النفسي، ويوفر هذا النوع من الأفلام مساحة إبداعية غنية للتعبير عن مخاوفنا الداخلية، خصوصاً حين تكون القصص متجذّرة في سياقات ثقافية محددة. بالنسبة لي، شكّلت هذه التجربة تطوراً في فهمي لكيفية توظيف الرعب ليس كأداة لبث الخوف فحسب، بل وسيلة تفتح باب التأمل والطرح الفكري. وكان إيصال هذا الطرح بأسلوب يلامس مشاعر الجمهور محلياً وعالمياً، تحدياً ملهماً وتجربة مهنية أعتز بها.
تحديات إبداعية
وعن أبرز التحديات التي واجهته، قال الأنصاري: لكل فيلم تحدياته الإبداعية واللوجستية، لكن مع «حوبة»، واجهنا تحدياً تمثّل في الحفاظ على الجوهر العاطفي العميق للقصة، مع صياغة تجربة سينمائية تنفرد بأثرها الثقافي وتميزها الأسلوبي. وبصفتي مخرجاً، أجد نفسي أمام تحدٍّ دائم يتمثل في توحيد الرؤية الفنية لجميع العناصر، خصوصاً في عمل بهذا الحجم. ومع ذلك، فإن التعاون مع فريق يتمتع بالموهبة والالتزام، يحوّل هذه التحديات إلى فرص تُسهم في دفع العمل إلى الأمام، ويبقى الهدف الأسمى هو تقديم تجربة سينمائية صادقة، ذات تأثير عميق.

رحلة حقيقية
لفت الأنصاري إلى أن «حوبة» يشكّل علامة فارقة في مسار تطوير سينما الرعب والتشويق في المنطقة، مؤكداً أن إنتاجه شكّل رحلة تعاونية حقيقية. وقال: أتاح لنا التعاون مع «إيمج نيشن أبوظبي» و«سبوكي بيكتشرز» الجمع بين خبرات عالمية راسخة في هذا النوع السينمائي، وصوت سردي محلي نابض بالجذور والهوية. ومنذ البداية، كان هدفنا واضحاً، هو تقديم فيلم يحمل عمقاً عاطفياً وذكاءً فنياً ضمن هذا النوع، ويصل في آنٍ واحد إلى جمهور المنطقة والعالم.
وأضاف: يعالج «حوبة» موضوعات عالمية من خلال عدسة تعبّر عن خصوصية منطقتنا. فهو فيلم رعب نفسي، لكنه في جوهره قصة إنسانية، تقودها الشخصيات وتنبض بالمشاعر، ونأمل أن يشكّل «حوبة» خطوة تمهّد الطريق أمام المزيد من القصص المتفردة التي تستكشف هذا النوع الأدبي.
تطور متسارع
صرح المخرج ماجد الأنصاري بأن السينما الإماراتية تشهد تطوراً متسارعاً يتسم بثقة متزايدة ووضوح أكبر في الرؤية والصوت السردي، وقال: قد أسهمت جهات رائدة مثل «إيمج نيشن أبوظبي» بدور محوري في هذا المسار، ليس فقط عبر إنتاج أعمال سينمائية متميزة، بل أيضاً من خلال استثمارها المتواصل في الكفاءات المحلية وتطوير البنية التحتية للصناعة. فالمسألة لم تعد مجرد إنتاج أفلام، بل باتت ترتكز على بناء منظومة متكاملة تُروى من خلالها القصص المحلية بحرفية عالية، وطموح حقيقي للتواصل مع الجمهور في كل مكان.

سرد مؤثّر
يرى ماجد الأنصاري أن ما يميّز «حوبة» هو التزامه العميق بمزج الرعب النفسي مع سرد إنساني حيّ ومؤثّر، حيث لم يكن الهدف إثارة الخوف اللحظي، بل صُممت عناصر التشويق بعناية لاستكشاف تجارب وموضوعات إنسانية مثل الحب، والخوف، والقدرة على الصمود. وقد ساهمت العناصر الخارقة للطبيعة في تضخيم الاضطرابات الداخلية للشخصيات، ما يجعل من الفيلم تجربة شعورية تدعو الجمهور إلى التفاعل والتواصل والتعاطف على مستوى أعمق بكثير مما هو معتاد في هذا النوع السينمائي.