أحمد مراد (القاهرة)
تحمل الدورة المقبلة من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» التي تستضيفها دولة الإمارات آمالاً وتطلعات طموحة من أجل الوصول إلى حلول مبتكرة وتفاهمات وتعهدات جديدة لمواجهة التغيرات المناخية والحد من تأثيراتها.
واعتبر خبراء مناخ تحدثوا لـ«الاتحاد» أن مؤتمر «كوب 28» بمثابة «خارطة طريق» لإنقاذ مناخ الأرض، ومن المتوقع أن تظهر نتائجها الإيجابية خلال الأعوام القليلة المقبلة، ويطرح مبادرات جادة لتحويل الأقوال والالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع، حيث يرتبط بتحركات إقليمية ودولية تعمل على الحد من تأثيرات الأنشطة البشرية على مناخ الكوكب، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمرات المناخ السابقة.
تحركات عالمية
وأوضح خبير التغيرات المناخية والتنمية المستدامة، الدكتور السيد صبري، أن مؤتمر الأمم المتحدة «كوب 28» يمثل الحلقة الأهم في سلسلة مؤتمرات المناخ التي ترعاها المنظمة، وتُعقد سنوياً لمناقشة تداعيات التغيرات المناخية وسبل مواجهتها، إذ يرتبط المؤتمر في نسخته المقبلة بتحركات إقليمية ودولية من أجل السعي إلى تحقيق نتائج وتوصيات ملزمة تعمل على تخفيض الارتفاع المتوقع لدرجات الحرارة في الأرض، ما يحمي البشر من كوارث عديدة.
وقال الدكتور صبري، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن جميع الدول تعاني حالياً من تأثيرات وتداعيات التغير المناخي التي تشكل تهديداً خطيراً للأمن المائي والغذائي وللوجود البشري، ومن هنا تكمن أهمية «كوب 28» الذي يعمل على تفعيل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وخاصة اتفاق باريس الموقع في عام 2015، ما يعني تحويل الأقوال والتعهدات إلى أفعال على أرض الواقع.
وتمثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم خلال عام 1992 بهدف الحد من تأثيرات الأنشطة البشرية على مناخ الأرض، وتُعد مؤتمرات «كوب» جزءاً من هذه الاتفاقية، وعقدت أول نسخة للمؤتمرات في العاصمة الألمانية برلين في عام 1995.
أفعال لا أقوال
وأضاف خبير التغيرات المناخية أن مؤتمر «كوب 28» وما سيصدر عنه من نتائج وقرارات وتعهدات جديدة يمثل خريطة طريق مناخية وتنموية لإنقاذ مناخ الأرض، لا سيما أنه يأتي في وقت تتزايد فيه تداعيات التغير المناخي مع ارتفاع درجة حرارة الأرض أعلى من 1.5 درجة مئوية، إذ يضع المؤتمر حكومات الدول أمام اختبار حقيقي يستدعي تحركات عالمية عاجلة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمرات المناخ السابقة، بالإضافة إلى وضع حلول مبتكرة جديدة، وهو ما يسعى إليه القائمون على مؤتمر «كوب 28».
وأشار الدكتور صبري إلى أن «كوب 28» سوف يبني على النجاحات التي حققها «كوب 27» الذي عُقد العام الماضي في مدينة شرم الشيخ المصرية، لا سيما في ما يتعلق بتفعيل إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار»، والإجراءات التنفيذية لتحديد التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالدول النامية نتيجة التغيرات المناخية.
ومن المتوقع أن يشهد «كوب 28» تطوراً غير مسبوق في هذا الملف، إلى جانب ملفات أخرى مهمة، منها التخفيف من الانبعاثات الكربونية، والتوسع في استخدامات الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، والزراعة المستدامة، والإنتاج المستدام، والاستهلاك المستدام، وكلها مبادرات جادة.
وكانت الدول الصناعية والمتقدمة قد تعهدت خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 15» الذي عُقد في الدنمارك خلال عام 2009 بتقديم نحو 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لصالح الدول النامية لمساعدتها على التكيف والتعامل مع تأثيرات التغير المناخي.
إلى جانب تعهد دول العالم بخفض الانبعاثات الكربونية كل 5 سنوات، حيث تُلزم اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بتغيير المناخ الموقعة في عام 1992 الدول الصناعية بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 5 % عن مستوياتها.
فرصة للإنقاذ
من جانبه، أوضح أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق المصرية، الدكتور علي قطب لـ«الاتحاد» أن غالبية الجهات والمنظمات المعنية بالمناخ، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي تعول كثيراً على مؤتمر «كوب 28»، وتنظر إليه باعتباره «منصة حقيقية» للوصول إلى تفاهمات وتعهدات جديدة لإنقاذ مناخ كوكب الأرض ومواجهة التغيرات المناخية والحد من تأثيراتها لا سيما تأثيراتها على الدول النامية.
وقال إن التغيرات المناخية تمثل أكبر وأخطر تهديد لمناخ كوكب الأرض، حيث يترتب عليها العديد من الأزمات والكوارث في حال استمر معدل الارتفاع في درجة حرارة الأرض بالشكل الحاصل الآن، ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر «كوب 28» الذي يهدف إلى التخفيف من حدة التغيرات المناخية ومواجهة تأثيراتها بحلول وبدائل مبتكرة من المتوقع أن تظهر نتائجها الإيجابية خلال الأعوام القليلة القادمة.
وتأتي قضية الحد من الانبعاثات الكربونية على رأس القضايا المهمة التي تتناولها مختلف مؤتمرات المناخ، وفي هذا الإطار يعمل مؤتمر «كوب 28» على تنفيذ تعهدات الدول الصناعية الكبرى بالوصول إلى صفر كربون بحلول عام 2050، لا سيما أنها المتسبب الأول في الظواهر المناخية المتطرفة التي يشهدها كوكب الأرض.