أصبح الإنترنت وسيلة لملايين الأشخاص المعزولين صحياً، لتمضية الوقت والبقاء على اتصال بالآخرين، دون نشر فيروس كورونا. وقد أشاد مسؤولو الصحة بالفكرة. لكن بالنسبة لبعض المستخدمين، فإن الافراط في استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية له بعض السلبيات.

مثل المقامرين الذين يعانون من مشاكل، يتعرض مدمنو ألعاب الفيديو لعدد من الضغوط، من بينها العزلة والتوتر والبطالة. ويتم تشجيعهم على الانخراط في نفس السلوك الذي يعانون منه.

يقول «كيث وايت»، المدير التنفيذي للمجلس الوطني المعني بمشكلة إدمان المقامرة: «كل عوامل الخطر المتعلقة بالإدمان على المقامرة تزداد حالياً، ونفس الشيء ينطبق على إدمان الإنترنت والألعاب». وتوقع وايت أن نشهد «موجة كبيرة من الإدمان»، موضحاً أن مكالمات الخط الساخن التي تتلقاها مراكز المجلس، وعددها 27 مركزاً، زادت بالفعل. ويرى الأطباء النفسيون ارتفاعاً في المدمنين على ألعاب الفيديو، وتجد مجموعات الدعم أن الأعضاء ينتكسون على مستوى العالم. ويقول «داريا كاس»، أستاذ علم النفس في جامعة نوتينجهام ترينت، إن هناك نسبة قد تصل 25% من مستخدمي ألعاب الفيديو، ربما يواجهون مشاكل تتعلق بإدمان هذه الألعاب.

وقد أوجد هذا مشكلة لمسؤولي الصحة العامة، وإن كانوا في الوقت الحالي يعطون أولوية لمعالجة كوفيد-19. وهذا يعني حمل الناس على البقاء في منازلهم.

ولهذا السبب تقوم منظمة الصحة العالمية وشركات التكنولوجيا بالترويج للألعاب كإجراء صحي. ولهذا السبب أيضاً، أطلقت شركة «يوبي سوفت إنترتينميت»، وهي شركة نشر وتطوير ألعاب فيديو فرنسية، ألعاباً مجانية وتخفيضات، لتشجيع الناس على «البقاء في المنازل». كما قالت شركات «أكتيفيجين» و«بليزارد» و«فيسبوك» و«يوتيوب» و«زينجا».. إنها ستقدم مكافآت لتعزيز غسل اليدين وتشجيع الجهود المبذولة لمنع انتشار كوفيد-19.

وقال «راي تشامبرز»، سفير منظمة الصحة العالمية للاستراتيجية العالمية، في مقابلة عبر الهاتف: «إن إتاحة خيارات الترفيه يساعد الناس على البقاء في المنزل، وعدم الشعور بأنهم مضطرون للخروج ومقابلة الأصدقاء».

لكن بعض اللاعبين يكافحون لإعادة حياتهم إلى المسار الصحيح بعد انتهاء الوباء. وعلى سبيل المثال، اعتاد «كام أدير» (31 عاماً)، والذي يدير الآن موقع الدعم على الإنترنت «GameQuitters.co» ممارسة ألعاب مثل «كاونتر سترايك: جلوبال أوفينسيف آند ستار كرافت» لمدة 16 ساعة يومياً. وقد جعل هذا من الصعب عليه الاستمرار في أي وظيفة. وفي عام 2011، أقلع عن ممارسة الألعاب، ثم انتكس، ثم أقلع مرة أخرى، ما زال يتوق لممارسة الألعاب بانتظام. وهو الآن قيد الإقامة الجبرية في تايلاند بسبب فيروس كورونا، ويحاول تشتيت انتباهه بالعمل وعزف الموسيقا على جهاز «دي جي» خاص به. يقول «أدير»، الذي يخدم موقعه على الإنترنت 745.000 مستخدم كل شهر: «رأيت تقارير كثير من الأعضاء تفيد بأنهم قد انتكسوا».

ويقول «جيمس شيرير»، كبير الأطباء النفسيين في كلية الطب في روتجرز نيو جيرسي، والذي يعالج المرضى الذين يعانون إدمان الألعاب، إنه في الأوقات العادية «يعاني واحد من كل 100 شخص». ويضيف: «لن أُفاجأ إذا تضاعف هذا الرقم». وقد أنفق أحد مرضى شيرير، مؤخراً، أكثر من 10.000 دولار على عناصر داخل لعبة «بلاك ديزيرت» متعددة اللاعبين على الإنترنت. ولأن كثيراً من الناس يقيمون الآن في منازل بمفردهم، فقد تغير وضعهم الاجتماعي والنفسي، كما يوضح شيرير. فالناس يريدون إثارة إعجاب أصدقائهم على الإنترنت – بدلاً من القيام بذلك في الحياة الواقعية – وغالبا ما ينطوي ذلك على ممارسة الألعاب.

وقد ارتفع النشاط على منصة الألعاب «ستيم» على الإنترنت في مارس الماضي، حيث بلغ عدد اللاعبين في وقت الذروة أكثر من 24 مليوناً. وتشهد خدمات «إكس بوكس» و«ميكسر» الخاصة بشركة مايكروسوفت أرقاماً قياسية. وعلى شبكة «فيريزون كوميونيكيشن»، ارتفعت ممارسة الألعاب خلال ساعات الذروة بنسبة 75%. وبالنسبة للأشخاص المعرضين لإدمان الألعاب، فإن هذا هو الوقت المثالي لتفاقم حالتهم، بحسب ما قال «شيرير»، الذي هو نفسه لاعب.

ويقول «كاس»: إن هناك ألعاب فيديو، مثل «وورلد أوف ووركرافت»، شاملة ومن دون نهاية منظمة، وتجعل الناس يداومون على ممارستها. وأضاف: «كلما طال هذا الأمر، زاد احتمال حدوث مشاكل لبعض الناس».

ومن ناحية أخرى، تدرك منظمة الصحة العالمية هذه المشكلة: فقد صنفت، مؤخراً، إدمان الألعاب باعتباره اضطراباً نفسياً يصيب الصحة العقلية.

وقال «كاس»: «ليس من أولوياتنا، الآن، الحد من المشكلات المتعلقة بالألعاب، بل بالأحرى تقليل التعرض للوباء. لذلك، فإن تشجيع الألعاب بشكل عام، هو على الأرجح الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله».

 

*كاتبة متخصصة في قضايا التكنولوجيا

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»