أولا: تمنياتنا للرئيس دونالد ترامب وللسيدة الأولى بالشفاء العاجل من كوفيد 19. فبعد الإعلان عن أن نتي اختباريهما جاءت إيجابية، بعثتُ بتغريدة على تويتر أعربت فيها عن أملي في أن نظل جميعا متحضرين، ونتجنب التعليقات المتهكمة، ونسعى لاستخلاص الدروس ونتمنى لترامب وحرمه الشفاء العاجل. غير أن النتيجة كانت سيلا من التعليقات المتشفية والمتهكمة. 
ولكن لنفكر في الأمر. فإحدى مؤاخذاتي على ترامب هي الطريقة التي أضعف بها القواعد والمعايير التي يقوم عليها هذا البلد مثل قبول نتائج الانتخابات، واحترام العلم، والتعامل مع الخصوم باحترام. وإذا كنا نشجب هذا السلوك ونأمل في أن تشكّل الانتخابات بداية فترة من العلاج والتعافي الوطني، أفلا ندعم تلك القواعد بشكل أفضل من خلال الالتزام والتحلي بها؟ 
الفكرة الثانية بسيطة أيضا: لنستخلص الدروس من إصابة الرئيس بالفيروس. ولنجعل من هذا الأمر حدثا يؤدي إلى ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي، بما يسهم في إنقاذ الأرواح. 
فقد خسرت الولايات المتحدة 208 آلاف شخص بسبب هذا الوباء، جزئيا لأننا لم نأخذ الفيروس – كبلد – على محمل الجد. فنحن نرى ارتفاعا في الإصابات الجديدة، التي باتت تفوق 40 ألف إصابة في اليوم الآن، أي ضعف المستوى الذي كان مسجلا في أوائل يونيو تقريبا، والعديد من علماء الأوبئة يحذّرون من أن الأمر سيزداد سوءا على الأرجح. أحد أسباب هذا الارتفاع هو زيادة عدد الاختبارات، ولكن السبب الآخر يتمثل ببساطة في حقيقة أن الناس في الولايات المتحدة وعبر العالم بأسره أصابهم التعب والملل من الوباء. 
ذلك أننا ضقنا ذرعا بالعزلة، ونتوق إلى التواصل البشري لأننا كائنات اجتماعية، والفيروس يستغل هذه الغريزة. إنني في ولاية أوريغون الآن، وأشعر بأننا أصبحنا جميعا متراخين، ولاسيما في المناطق حيث لم يسبق للفيروس أن ضرب بقوة وحيث لم يفقد الناس أصدقاء أو يروا شاحنات تبريد مركونة أمام المستشفيات. ولكن هذا التراخي قاتل. 
«معهد المقاييس والتقييم الصحي» يتوقع موت 363 ألف أميركي جراء كوفيد 19 بحلول الأول من يناير المقبل. وهو ما يعني أنه في ظرف تسعة أشهر سيموت من الأميركيين بسبب الفيروس أكثر من إجمالي من ماتوا في القتال على مدى أربع سنوات من الحرب العالمية الثانية. 
النموذج الذي استخدمه المعهد يشير أيضاً إلى أنه إذا ارتدى 95 في المئة من الأميركيين كمامات (وهو المستوى الموجود في سنغافورة)، فإن قرابة 100 ألف روح يمكن إنقاذها بين الآن ونهاية العام. فكر في الأمر، إننا كبلد، ما زلنا مفجوعين بقرابة ال3 آلاف وفاة التي حدثت في هجمات 11 سبتمبر. ولكن النموذج الذي يستخدمه المعهد يحذّر من أنه بحلول ديسمبر، سنفقد مثل هذا العدد كل يوم. 
«لاري بريليانت»، وهو عالم أوبئة ساعد في أوائل مسيرته المهنية على القضاء على الجدري، يحاجج بأننا نستطيع القضاء على الفيروس أيضاً. وقد رأينا صندوق الأدوات التي استخدمتها بلدان أخرى للقيام بذلك: ارتداء الجميع للكمامات، والتباعد الاجتماعي، وإجراء الاختبارات، وتعقب المخالطين، وما إلى ذلك. 
ونحن كبلد لدينا الأدوات ولدينا الموارد، ولكن ما نفتقر إليه هو الإرادة. فهذا دان باتريك، نائب حاكم ولاية تكساس، أشار إلى أنه وأجدادا آخرين يفضلون الموت على اتخاذ تدابير ضد الفيروس تعيق الاقتصاد. وفي الأثناء، اجتاح محتجون لا يرتدون كمامات متاجر، صائحين «اخلع كماماتك»، «إنها كذبة»، «أزلها».
ارتداء الكمامات متأخر في الولايات المتحدة مقارنة مع بعض البلدان الأخرى، وخاصة بين الرجال. إذ يشير استطلاع للرأي إلى أن العديد من الأميركيين الرجال يعتبرون ارتداء الكمامة «مؤشر ضعف». وبالمثل، يبدو أن بعض الأميركيين يعتقدون أن تجنب الكمامات هو معيار حرية. 
كلا، إنه معيار احترام، ومراعاة للآخرين، وسلوك مسؤول. ولكن عليك أن تنتبه إلى أن على المرء أن يتجنب استخدام الكمامات المزودة بصمامات (التي تعد أقل حماية للآخرين) واستخدام الكمامة لتغطية الأنف وكذلك الفم. فمن غير المفيد.. إزالة الكمامة أثناء التحدث. 
تجربة مشجعة من العام الحقيقي تمت في مايو الماضي. ففي ولاية ميزوري، بيّنت الاختبارات إصابة حلاقيْن بكوفيد 19، ولكنهما وزبائنهما ال140 كانوا يرتدون الكمامات. ورغم أنهم كانوا على اتصال قريب، إلا أن لا أحد منهم أصيب بالفيروس، ثم إن الكمامات تحمي أيضاً الوظائف والاقتصاد الوطني. فقد قدّرت مؤسسة «غولدمان ساكس» أن الارتداء الإجباري للكمامة يمكن أن يكون بديلاً للإغلاقات التي من شأنها أن تؤدي إلى انكماش الاقتصاد ب5 في المئة. 
جوشوا ليدربرغ، عالم الوراثة والحائز على جائزة نوبل، حاجج بأنه في الصراع مع الأمراض الجديد الأمر يتعلق ب«ذكائنا مقابل جيناتها». والحاصل أننا أسأنا خوض المعركة حتى الآن وخسرنا 208 آلاف أميركي نتيجة لذلك. وعليه، فبينما يتصارع ترامب وحرمه مع الفيروس، لنستخلص الدروس، ونتحل بالذكاء – لنلتزم بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات المنقذة للأرواح. 
كاتب وصحافي أميركي 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 
https://www.nytimes.com/2020/10/03/opinion/sunday/trump-coronavirus-infection.html