حذر رئيس منظمة الصحة العالمية، يوم الاثنين الماضي، من أن العالم على شفا «فشل أخلاقي» إذا لم تضمن الدول الغنية التوزيع العادل للقاحات الوقاية من جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19».
وفي افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة والذي ينعقد عبر الإنترنت، أخذ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم غيبريسوس» خطابه إلى مستوى آخر، حيث حذر مراراً وتكراراً الدول الغنية من استبعاد الدول الفقيرة من خلال إبرام صفقات ثنائية مع موردي اللقاحات.
وقال: إن نهج «أنا أولاً» سيؤدي في نهاية المطاف إلى «إطالة أمد الوباء والقيود اللازمة لاحتوائه والمعاناة الإنسانية والاقتصادية».
وأضاف: «يجب أن أكون صريحاً: إن العالم على شفا إخفاق أخلاقي - وسيتم دفع ثمن هذا من خلال خسارة الأرواح وتدهور سبل العيش في أفقر دول العالم»، مشيراً إلى أن نحو 39 مليون جرعة من اللقاحات قد مُنحت بالفعل لأكثر من 40 دولة غنية، بينما لم تحصل إحدى الدول الفقيرة إلا على 25 جرعة فقط.
وبينما أشاد تيدروس بإطلاق اللقاح باعتباره إنجازاً علمياً عظيماً، أشار إلى أن هناك دروساً يمكن تعلمها من الأوبئة العالمية الماضية، عندما كانت اللقاحات تستغرق وقتاً طويلاً للوصول إلى البلدان النامية. لقد كانت الأزمة الحالية فرصة «لإعادة صياغة التاريخ» من خلال ضمان توزيع اللقاحات بشكل عادل بين البلدان وعلى من هم في أمس الحاجة إليها.
لقد دخلت منظمة الصحة العالمية في شراكة مع العديد من الشركات المصنعة للقاحات لتوفير ملياري جرعة لاتحاد من البلدان منخفضة الدخل، في مبادرة أطلق عليها اسم «كوفاكس»، لكن تيدروس قال: إن هناك مخاوف من عدم تسليم اللقاحات.
ويأمل أنه بحلول يوم الصحة العالمي في 7 أبريل، يتم إعطاء لقاحات كوفيد-19 في كل دولة، كرمز للأمل في التغلب على الوباء وأوجه عدم المساواة التي تكمن في جذور العديد من التحديات الصحية العالمية.
وقال: «حتى وهم يتحدثون عن الوصول العادل، تواصل بعض الدول والشركات إعطاء الأولوية للصفقات الثنائية، والتحايل على مبادرة كوفاكس، مما يؤدي إلى رفع الأسعار ومحاولة القفز إلى مقدمة قائمة الانتظار». ودعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدول الأكثر ثراء إلى تأجيل تطعيم الشباب والبالغين الذين يتمتعون بصحة جيدة، حتى يتمكن كبار السن والعاملين في مجال الخدمات الصحية في الخطوط الأمامية في البلدان النامية من تلقي جرعاتهم من اللقاح.
وجاء تحذيره في الوقت الذي تتسابق فيه الدول الغنية مثل بريطانيا لتطعيم الضعفاء وسط تفشٍ جديد للفيروس، الذي يقول الخبراء إنه نتج عن نوع جديد شديد العدوى تم التعرف عليه منذ ذلك الحين في العديد من البلدان الأخرى.
وقد تعهدت الحكومة البريطانية بتطعيم المجموعات الأربع ذات الأولوية - والتي تشمل العاملين في الخدمة الصحية الوطنية وسكان دور الرعاية بحلول 15 فبراير.
قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في إنجلترا يوم الأحد، إن ما يقدر بنحو 45 في المئة من الأشخاص فوق سن الثمانين قد تم تطعيمهم الآن، وإن أكثر من مليون شخص ضمن هذه الفئة العمرية قد تمت دعوتهم لحجز مواعيد التطعيم الخاصة بهم.
وفي أوروبا، أعربت عدة دول، بما في ذلك السويد وفنلندا، عن قلقها وغضبها من تأخر شحنات لقاح شركة فايزر، ووصفت الانتكاسة -التي وصفتها الشركة الأميركية بأنها تأخير مؤقت - بأنها «غير مقبولة».
وفي هذا الصدد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي، إن شركة فايزر وافقت على تزويد الاتحاد الأوروبي بـ 600 مليون جرعة هذا العام.
وعلى الجانب الآخر، يواجه أولئك الموجودون في إفريقيا انتظاراً أطول للحصول على المساعدة، حيث تقدر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن برنامج التوزيع قد لا يبدأ حتى أبريل.
وقال «أحمد أوجويل أوما»، نائب مدير مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا، الشهر الماضي، إن أولئك الموجودين في الدول الإفريقية «غالباً ما يحصلون على معاملة غير عادلة».
على سبيل المثال، فإن الهند، التي لديها ثاني أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم، بدأت أيضاً جهود التطعيم الجماعية وتأمل في تحصين حوالي 300 مليون شخص بحلول فصل الصيف - على الرغم من المخاوف من أن أحد اللقاحات قد لا ينجح.

بول شيم*
*مراسل «واشنطن بوست» في دبي
جنيفر حسن*
*محررة تغطي وسائل التواصل الاجتماعي بصحيفة «واشنطن بوست»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»