بذلت دولة الإمارات العربية المتحدة جهودًا كبيرة في مكافحة أزمة فيروس كورونا المستجدّ منذ بدئها العام الماضي، وبدا ذلك واضحًا في احتواء انتشاره من خلال اعتماد نظام التعليم عن بُعد في المدارس ومؤسسات التعليم العالي، وتعليق الصلوات في دُور العبادة، وإغلاق مراكز التسوق والوجهات الترفيهية، من ثم فتحها وتحديد سعتها الاستيعابية، وتعليق الرحلات الجوية ومن ثم العودة إليها، وتمكين العاملين من تأدية مهامهم الوظيفية عن بُعد، إلى جانب تعزيز الوعي بصحة الفرد وسلامة المجتمع، وتقديم أفضل الخدمات الطبية التي تساعد في الوقاية والعلاج من الفيروس، وتوفير الخدمات الإلكترونية للمتعاملين في الجهات الحكومية وغير ذلك.
ولا تزال دولة الإمارات تواصل جهودها في مكافحة الوباء، من خلال فحوصات الكشف عن الفيروس وحملات التطعيم المستمرة والمجانية لأفراد المجتمع، وصولًا إلى مرحلة التعافي التام، وهو ما يتطلب منّا جميعًا ضرورة استشعار المسؤولية والالتزام بالإجراءات الوقائية التي أوصت بها الجهات المعنية مرارًا، كالالتزام بقواعد التباعد الجسدي ومنع التجمعات وتجنّب الاكتظاظ في المحال التجارية على اختلاف أنواعها، وغسل اليدين بالماء والصابون وتطهيرهما بالمعّقم كلّما أمكن، وارتداء الكمامة، إضافة إلى تجنّب المصافحة والتلامس.
ورغم كل الجهود الكبيرة المبذولة، لوحظ أخيرًا وجود تهاون من قبل بعض أفراد المجتمع في تطبيق الإجراءات الاحترازية، إذ انتشر في الآونة الأخيرة عدد من السلوكيات التي توجب علينا جميعًا الانتباه والتصدي لها، وعدم التقليل من خطورتها ومساندة الجهات المختصّة للإبلاغ عنها، حتى لا تتفاقم المشكلة الصحية ويتفشى الوباء بين أفراد المجتمع فيحصل ما لا تحمد عقباه. فقبل أيام قليلة انتشر مقطع فيديو لأحد الأشخاص وهو يجول في مكان عام ويقوم بإبراز نتيجة إيجابية لفحص فيروس كورونا على هاتفه المتحرك، بينما قام الشخص الآخر بتصويره ونشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب الأخبار المنتشرة حول مخالفة عدد من المنشآت للإجراءات، والأخبار الأخرى المتعلقة بالحفلات والتجمعات، التي قد تُودي بصحة الآخرين وسلامتهم، والتي تم إغلاقها، يعدّ استهتارًا كبيرًا بصحة المجتمع وسلامته، واستهتارًا كبيرًا بجهود الطواقم الطبية.
ولذلك كان لا بدّ من مراقبة الالتزام بالإجراءات الاحترازية واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحقّ مخالفي الاشتراطات والمعايير المنصوص عليها من قِبَل الجهات المختصّة في الدولة، التي تتعامل بحزم مع كل سلوك يتضمّن الاستهتار بصحة الآخرين وحياتهم وسلامتهم، أو التهاون في تطبيق الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد أو الحض عليه، وذلك تحقيقًا لدورها المجتمعي وترسيخًا لسيادة القانون. 
وإلى جانب كل تلك المؤشرات الدّالة على عدم التهاون مع من لا يلتزم بتطبيق الإجراءات الاحترازية، فإن تخطّي دولة الإمارات حاجز 5 ملايين جرعة من لقاح «كوفيد–19»، يعدّ بمنزلة إنجاز كبير يضاف إلى سجلّها في احتواء الجائحة، لكن ذلك لا يعني في الوقت نفسه أن الأزمة قد انتهت وتلاشى الخطر، فالمطلوب في هذه المرحلة الحفاظ على المكتسبات التي حقّقتها الدولة في مواجهة الجائحة، وعدم السماح بحدوث أي مظهر من مظاهر التهاون مع الوباء، وبذل كل المجهودات اللازمة للحدّ من انتشاره حتى نتمكّن من الوصول إلى مرحلة التعافي التامّ، والخروج من هذه الأزمة سالمين معافين.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية