عندما أمر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتأسيس «قوة فضائية» أميركية والنظر إلى الفضاء على أنه أحد الأصول العسكرية، تساءل البعض في بقية العالم: هل هذا إعلان عن بداية حرب الفضاء؟ فالجيوش الحديثة اليوم تستخدم الفضاء لكل شيء، من أقمار التجسس الصناعية إلى جندي ذكي مرتبط بقمر صناعي محدد. وفي أي حرب اليوم، عندما يسعى أحد الأطراف إلى حرمان الآخر من قدرته على شن هجمات دقيقة، يقوم بمهاجمة الأقمار الصناعية لديه ويجمد أو يشوش على العمل في محطات الطاقة والكهرباء والماء والمطارات ومراكز العمليات والبيانات والخدمات، وكل وسائل التواصل لديه أو الاستماع إلى كل ما يجري خلف الغرف المغلقة في أروقة مباني الخصوم وبين صفوف قواتهم.
فهناك تصور متزايد بأن محيط الفضاء هو ساحة الحرب القادمة وحديث مستمر حول الاستخدام العسكري للفضاء، حيث يشمل نطاق حرب الفضاء الانطلاق من الأرض إلى الفضاء، وذلك مثل مهاجمة الأقمار الصناعية من الأرض، أو حرب من الفضاء إلى الفضاء، مثل الأقمار الصناعية التي تهاجم الأقمار الصناعية.
وبالرغم من أن المعاهدات الدولية تحظر نشر الصواريخ النووية خارج الغلاف الجوي، إلا أن السيطرة على تلك الممارسات تقع خلف قدرة السلطات الأممية الدولية ومعظم دول العالم، حيث إن البيئات المدارية كانت ولاتزال أهدافاً معتمدة في أجندات القيادات الفضائية لدول العظمى، وذلك كالحديث عن ليزر فضائي عالي الطاقة يدمر أهدافاً أرضية دون وسيلة لوقفها، ناهيك عن الموجات الكهرومغناطيسية وأنظمة الأسلحة القائمة على شعاع الجسيمات وأفران الميكروويف والأسلحة القائمة على البلازما، أو وجود ابتكار لتركيز طاقة الشمس على هدف أرضي. ومن المرجح أن يتم شن حرب الفضاء على مسافات وسرعات أكبر بأضعاف مضاعفة من القتال الأرضي.

ومن جهة أخرى، تشكل المسافات الشاسعة التي ينطوي عليها الأمر تحديات صعبة في الاستهداف والتتبع، حيث يتطلب الأمر بضع ثوانٍ لاجتياز نطاقات تقاس بمئات الآلاف من الكيلومترات. وعلى سبيل المثال، في تجربة إطلاق النار على هدف على مسافة القمر من الأرض، فإن الصورة التي يراها المرء تعكس موقع الهدف قبل أكثر من ثانية بقليل. وبالتالي، حتى الليزر يحتاج إلى ما يقرب من 1.28 ثانية، مما يعني أن نظام الأسلحة القائم على الليزر سيحتاج إلى قيادة الموقع الظاهر للهدف بمقدار 1.28 × 2 = 2.56 ثانية وستستغرق قذيفة من مدفع كهرومغناطيسي أكثر من ثماني عشرة ساعة لعبور تلك المسافة، على افتراض أنها ستسافر في خط مستقيم بسرعة ثابتة تبلغ 5.8 كم/ ثانية على طول مسارها بالكامل.
وهناك عوامل تجعل الدقة في إصابة الأهداف من الفضاء أمراً صعباً للغاية لأسباب عديدة، ولذلك أصبحت الأقمار الصناعية الأصغر أكثر أهمية من الناحية التشغيلية، مع انخفاض تكاليف الإطلاق، ودورها البارز على المستوى التكتيكي، كما أن هناك دوراً محورياً لطابعة ثلاثية الأبعاد، وشاحنات سحب الأقمار الصناعية في هذه الحروب القادمة، حيث طورت القوى الأكبر على مستوى العالم القدرة على مهاجمة الأقمار الصناعية لبعضها البعض وللأمم الأخرى، في استراتيجية تهدف إلى شل الجيوش الأرضية، بما أن فقدان وظيفة القمر الصناعي ستترك الجيوش الحديثة كالإنسان الذي تعطل جهازه العصبي المركزي. ناهيك عن مهاجمة محطات التحكم الأرضية. 

ويمكن للقوتين الأكبر في العالم أن تستهدفا الأقمار الصناعية في أي نوع من المدارات الأرضية، من ارتفاعات منخفضة تصل إلى عدة مئات من الكيلومترات إلى المدارات الثابتة بالنسبة للأرض على ارتفاع 36 ألف كيلومتر فوق الكوكب وشن هجمات عبر الأقمار الصناعية باستخدام الليزر والتشويش الإلكتروني. وإذا ما اندلعت حرب بين الولايات المتحدة والصين على سبيل المثال في مضيق تايوان، فمن المحتمل أن تبدأ بهجمات عبر الأقمار الصناعية.