فيما لا تزال الكثير من دول العالم، ومنها ما يحسب في فئة المتطورة والمتقدّمة، تكافح للسيطرة على جائحة «كورونا»، وتخفيض عدد الإصابات بالفيروس، وتقليل معدّلات الوفيات الناجمة عنها، والحدّ من الحالات التي تتطلّب الدخول إلى المستشفيات، وتعاني التبعات التي تسبّب بها الوباء في جوانب الحياة المختلفة، اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً، باتت دولة الإمارات قاب قوسين أو أدنى من التعافي الكامل والعودة إلى الحياة الطبيعية، في نجاح وتميّز جديدَين، وإنجاز يضاف إلى إنجازاتها الباهرة التي وضعتها في مصافّ الكبار عالمياً.

هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، ولم يكن وليد المصادفة، بل هو نتاج تركيبة من العوامل التي أصبحت دولة الإمارات علامة عالمية بارزة فيها، وفي مقدّمتها وضوح الرؤية ودقّتها، وسلامة الأهداف والإصرار على بلوغها، والجدّ والاجتهاد بلا حدود، وعشق التحدّي وإنكار المستحيل، وهو دأبها وديدنها، ليس على هذا الصعيد فحسب، بل في مجالات الحياة كلّها، لأنها آلت على نفسها ألا تكون دولة تقليدية وألا تقبَل بالعادي، وألا تركن إلى الدَّعَة. وأعلنت، منذ بواكير قيامها، دخولَها سباق النهضة والتقدّم، وعينُها على الرقم واحد الذي لن تقبَل بغيره، وأن عشقها الأول هو الصفوف الأولى، لأنّها تليق بها.

ومن حسن طالعها أنّ الله تعالى حباها بقيادة رشيدة وضعت نصب عينيها على الدوام النهوض بالوطن وجعْله مثالاً يُحتذى به في كيفية تحويل التحديات إلى فرص حقيقية، ومفخرة لكل من ينتمي إليه، ويعيش على أرضه. وجعلت الدولة غايتها الأولى تحقيق السعادة للإنسان، وتسخير ما حبا الله به الوطن من نِعم وثروات لهذه الغاية.

وهي طموحات انسجم معها شعب الإمارات وتناغم مع كلّ تفاصيلها ومفرداتها، في منظومة فريدة أبهرت العالم، وجذبت أنظاره، دولًا وأممًا وشعوبًا، وجعلت النجاح حليفها ورفيق دربها الدائم. حين ارتبك العالم في مواجهة غزو الفيروس وتفشّيه، كانت دولة الإمارات تواجه خطره بقدرة واقتدار، ليس على المستوى الوطني فحسب، بل ساندت دول العالم، صغيرها وكبيرها، وقدّمت لها الدعم والمعونة الطبية والوقائية، وأسهمت في جهود العلم لكشف أسرار هذا العدو الخفيّ، والتوصل إلى ما يمكّن البشرية من الانتصار عليه، والتخلّص من تهديده. وكانت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، حفظه الله: «لا تشلّون همّ» أول بشارة بأن الإمارات قادرة على إدارة الأزمة وتجاوزها، وهي أكثر قوّةً، كي تقدّم للعالم درساً جديداً، عنوانه «كيف تدير أزمة كوفيد-19 وتنتصر عليها؟».

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.