قد يقول بعضهم إنه مجرد حلم من الأحلام الصيفية العابرة أو شطحةً من شطحات الخيال.. لكن الكثير من الأحلام تحققت بعد أن كانت تبدو من سابع المستحيلات. وفي عالم السياسة هناك الكثير من الصراعات التي شهدها العالم واستمرت لحقب طويلة، لكن انتهى بها المطاف أخيراً إلى سلام بين أطرافها حين توافقت على تحييد الصراع فيما بينها وإيقافه عند نقطة محددة. لقد اكتشفتْ عدم جدوى استمرار الصراع وضرورة الالتفات إلى أمور أكثر أهمية.. لكن ذلك استوجب وجود الإرادة والعزيمة ومجموعةً كبيرة من الظروف التي تدفع نحو التعقل والتبصر. 

إن العالم بأسره، وعلى مستوى الدول الكبرى المؤثرة في أكثر الصراعات في مناطق العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط التي تعد أكثر بؤرة للصراعات المتداخلة والمتشابكة، وليس انتهاءً بالخلافات القائمة بين الدول الكبرى نفسها حين تتعارض مصالحها الاقتصادية.. بدأ يدرك أهمية تحييد الصراعات تحقيقاً لمصالح أكبر وأبقى.

وانطلاقاً من مبدأ العمل بتحييد الصراعات والتصدي للتحديات التي تواجهها العديد من مناطق العالم، فإنه ما أن ينظر الساسة إلى صراعاتهم تلك من زاوية أخرى مغايرة لطريقة تفكيرهم في مواجهة الخصوم، حتى تكون النتائج إيجابية بلا شك، ويتحقق الهدف المرجو لدى الجميع، أي الاستقرار والتصدي للتحديات المشتركة. 

إن تحييد الصراعات بغية التفرغ للتنمية، يأتي حتمياً بنتائج إيجابية إزاء أكثر القضايا أهمية في العالم، وعلى رأسها مسألة العمل من أجل حماية المناخ، وهي مسألة تتطلب من العالم بناءَ تحالف دولي لتقليل الكربون بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، ولحشد الزخم لإحداث قفزة نوعية في مجال التكيف مع تغير المناخ ودعم الدول النامية لضمان تحقيق هذه الغاية. إنها قضية تشكل أهمية كبيرة بالنظر لما تحمله السنوات القادمة من تهديد مباشر للكرة الأرضية، ما لم يكن هناك اهتمام وتعاون من قبل المجتمع الدولي.
وما ظواهر التغير المناخي الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل كبير قياساً لدرجة حرارتها قبل نصف قرن، إلا مؤشرٌ منذِرٌ للبشرية يحثها على تحييد الصراعات من أجل التعاون حماية لكوكب الأرض. 


كاتب كويتي