تتويجاً لمسيرة تنموية ترفع دائماً شعار الريادة والتميز، جاءت وثيقة «مبادئ الخمسين» لدولة الإمارات العربية المتحدة لتؤكد أن تقوية الاتحاد هو أولويتها الأولى، وأن النهوض بالاقتصاد الوطني هو وسيلتها الرئيسية، وأن بناء رأس مالها البشري وتطويره هو أساسها المتين. ويظهر ذلك جلياً في المبادئ العشرة التي تضمنتها هذه الوثيقة، ويظهر أيضاً أن للنهضة الاقتصادية مكانتها الخاصة بهذه المبادئ، فهي مفتاح تقوية الاتحاد، وهي الضامنة لانفتاحه المتوازن على العالم.
والنهضة الاقتصادية، على أهميتها البالغة بالنسبة لمستقبل دولة الإمارات، لا تحدث منعزلة عن العناية بالبيئة. بل إن حدوث إحداهما شرط لحدوث الأخرى. ولقد قطع الاقتصاد الإماراتي شوطاً طويلاً في الاهتمام بالبيئة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، فميزانية الحكومة الاتحادية لا تدخر وسعاً في سبيل توسيع المساحات الخضراء وحماية المناخ من التلوث، فيما تسهر مؤسسات الدولة على ضبط الأنشطة الاقتصادية لتراعي الاشتراطات البيئية العالمية. كما تحرص الدولة على سنّ التشريعات والأنظمة الضرورية لمنع السلوكيات الضارة بالبيئة، وضمان أن البنية الأساسية تتهيأ باستمرار لتكون أكثر استيعاباً للتخضير، ولتُعبّد الطريق أمام عمليات تدوير المخلفات.
على أن نظرة فاحصة في مبادئ الخمسين كفيلة بتوضيح العلاقة الوثيقة بين مبادئها العشرة وبين الاهتمام بالبيئة ودعم التحول الأخضر. ويمكن استنباط هذه العلاقة من ثلاثة من هذه المبادئ العشرة، فالمبدأ الثاني حول بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، يعني - ضمن ما يحمله من معانٍ كثيرة - أن الخطط موضوعة ليصل النمو الاقتصادي الإماراتي لمداه. 
وفي هذا السبيل، سيزداد التوسع في أنشطة الزراعة فائقة التطور، وستُدعم الأنشطة الصناعية عالية القيمة المضافة وقليلة الانبعاثات الضارة بالبيئة، وستُستهدف الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخضراء لتتوطن وتتوسع محلياً.
وبينما يوضح المبدأ الرابع في هذه الوثيقة أن محرك النمو هو رأس المال البشري، فهو يشير ضمناً إلى الدور الحاسم الذي ينهض به قطاعا التعليم والصحة في بناء العنصر البشري الإماراتي وتطويره. والتعليم الكُفء هو المسؤول عن إكساب رأس المال البشري السلوكيات المحافظة على البيئة. والصحة الجيدة لن تتحقق إلا بتوافر المناخ الصحي المحمي من التلوث. وليس من شك في أنه بتضافر السلوكيات الرشيدة مع الصحة الجيدة، تزدهر البيئة ويتعزز التحول الأخضر إماراتياً.
كما أن المبدأ السابع، بربطه التفوق الرقمي والتقني والعلمي بالتنمية، يؤكد مرة أخرى على مكانة التحول الأخضر في وثيقة «مبادئ الخمسين»، ذلك أنه كلما تطورت التكنولوجيا الوطنية وارتقت صُعُداً في مؤشرات التصنيع العالمية، انخفضت ما تصدره من انبعاثات، وتراجعت باطراد آثارها الجانبية على البيئة. 
وبكل هذا الاهتمام والعناية التي أولتها «مبادئ الخمسين» للتحول الأخضر، ستستمر دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً عالمياً يُحتذَى في المحافظة على البيئة، ليس فقط لتترسخ سمعتها العالمية كما يقرر مبدؤها السادس، بل ليسير اقتصادها الوطني صوب مستقبل أكثر استدامة وأكثر اخضراراً.

تريندز للبحوث والاستشارات