يوم أمس الثلاثاء، احتفلت دول العالم وشعوبها بـ«اليوم العالمي للمياه»، الذي اعتمدته الأمم المتحدة منذ 29 عاماً، للتذكير بأهمية هذا المورد باعتباره شريان الحياة والدعامة الأساسية لقيامها واستمرارها، والتوعية أكثر بأهمية صونه والمحافظة عليه، وبالآثار التي قد تترتب على نقصه في أي مكان من العالم، وفي المقدمة منها أنه سيصبح غير صالح للعيش. 
ولا يغيب عن الذهن عند المرور بهذه المناسبة أن العالم يعيش اليوم أزمة مياه، يعود سببها إلى العديد من العوامل التي طالما كان الإنسان نفسه عاملاً أساسيًّا في نشوئها، من خلال إساءته استغلال الموارد الطبيعية وإفراطه في استهلاكها، وممارساته التي أدت إلى ارتفاع معدلات التصحر والجفاف، وازدياد نسب التلوّث، الأمر الذي حوّل العديد من مصادر المياه في العديد من أنحاء العالم إلى مصادر غير صالحة للاستخدام الآدمي.
ولأنها تقع في إقليم يعدّ من أكثر مناطق العالم ندرة بالمياه العذبة الصالحة للاستخدام من دون معالجة أو تكاليف إضافية، فقد تنبهت دولة الإمارات مبكراً لهذا التحدّي وأخذته على محمل الجدّ، انطلاقاً من كون الأمن المائي من أهم ركائز الأمن الوطني، ومتطلباً لا يمكن من دونه تحقيق التنمية المنشودة، وأطلقت لهذا الغرض منذ عام 2017 استراتيجية طويلة الأمد تمتد حتى عام 2036، وتسعى إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى، بما ينسجم مع قوانين الدولة ومواصفات منظمة الصحة العالمية، ويسهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني.
لقد انتهجت الإمارات لضمان أمنها المائي سبلاً وقائية وأخرى علاجية، إذ حرصت على التوعية بأهمية المحافظة على هذه النعمة من خلال ترشيد استهلاكها ومكافأة من يلتزمون بذلك على مستوى الأفراد والمؤسسات، كما نفّذت مشاريع ضخمة لتنقية المياه المستخدمة ومعالجتها وإعادة استخدامها لأغراض الزراعة والري، بجانب تنفيذها أكبر مشروع في العالم لتخزين المياه العذبة في آبار جوفية من صنع البشر، ضمن شبكة في منطقة ليوا تضم 315 بئراً جوفيَّة، بعمق 80 متراً بعضها مزوّد بمضخات لاسترجاع المياه، وذلك بهدف تخزين هذه المياه للأجيال القادمة.
جهود كبيرة ومبادرات خلّاقة تبذلها الدولة لتحقيق «اقتصاد أزرق» يقوم على الإدارة الجيّدة للموارد المائية وحمايتها والمحافظة عليها للأجيال الحالية والقادمة، وهي جهود تحتاج إلى التزام كبير ووعي ممن يعيش على أرض الإمارات، لكي ننجح في المحافظة على أمننا المائي، وبالتالي استدامة مستويات الرفاه التي نتمتع بها.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية