في إطار الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، هناك خطة استراتيجية لتضييق الخناق على رئة الصين وشرايينها الاقتصادية في مضيها سراعاً على طريق الحرير المستقيم. 
الصين تصرخ اقتصاد، وأميركا تزعق سياسة، هنا مربط الفرس، وكأنهما يقولان: «هذا فراق بيني وبينك». إحدى الوسائل الاقتصادية التي ترفع بها الصين صوتها على أميركا عن طريق عملتها «اليوان»، وبناء عليه، تسعى الصين مع جيرانها الآسيويين على تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة الإقليمية والاستثمار، لتوفير شبكة أمان مالي أكبر داخل المنطقة ضد الصدمات الخارجية.
سوف تساعد مقايضات العملات الثنائية على تعزيز التكامل الاقتصادي، لا سيما بين الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا «الآسيان». 

ويبدو أن هذه التطورات ستقلل من استخدام الدولار الأميركي، ومن تأثير السياسة النقدية الأميركية في آسيا. ومنذ قرابة أربعة عقود قررت الصين القفز إلى خارج سورها العظيم لتشارك العالم في مكونات العظمة. 

فكانت مبادرة «طريق الحرير» أو الحزام والطريق هو الوسيلة الجديدة للتعاون بين بكين وبقية دول العالم في قارات الأرض كافة، كما هو مخطط في مئوية الصين التي تحل عام 2049. 
وتُدرج بعض التقديرات مبادرة «الحزام والطريق» كواحدة من أكبر مشاريع البنية التحتية والاستثمارات في التاريخ، والتي تغطي أكثر من 68 دولة، بما في ذلك 65% من سكان العالم و40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي اعتباراً من عام 2017. 
الدولة التي تقف على طول الخط في «حلق» الصين هي أميركا، فهي التي ردت عليها بمبادرة مضادة تسمى «استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة»، وتشتمل على ثلاث ركائز هي: الأمن، والاقتصاد، والحكم. وفي بداية شهر يونيو 2019 تمت إعادة تعريف التعريفين العامين لكل من «الحر» و«الانفتاح» في أربعة مبادئ معلنة - احترام السيادة والاستقلال، الحل السلمي للنزاعات، التجارة الحرة والعادلة والمتبادلة، والالتزام بالقواعد والمعايير الدولية.
الصين مذ أعلنت عن خططها لعام 2030، كي تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم متحدية ومتخطية أميركا، حتى صوبت عليها سهام الحرب الباردة من كل الاتجاهات. 
الصين امتداد اقتصادي، ولا تبحث عن نفوذ سياسي كما هو الوضع مع أميركا والغرب.
ومن خلال التجربة التنموية والسير نحو الازدهار الاقتصادي شقت الصين لنفسها طريقاً من الحرير، تريد أن تلف العالم بحزام الاقتصاد وليس بسورها العظيم الذي كان يحمي حدودها قديماً. 
نجحت الصين في الاستحواذ على ثلثي دولارات العالم، وقد قلبت ميزان التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية بمعدل نصف تريليون دولار مقابل خمسين مليار دولار لصالح أميركا. 
الصين اليوم ليست الصين بالأمس، لقد غدت قوة اقتصادية عظمى تريد مشاركة ومنافسة القوى الأخرى فيما تتقنها وتجيدها في مرحلتها الراهنة. 
ويبدو أنه كلما تقدمت الصين خطوة نحو النمو الاقتصادي، كلما ازدادت الضغوط الأميركية عليها، وكلما ظهرت ملفات تصادمية وخلافية بين بكين وواشنطن. 

* كاتب إماراتي