دولة الإمارات هي قصة فريدة للريادة والصدارة في المنطقة والعالم أجمع، بدأت عام 1979 عندما قرّر الآباء المؤسسون الاجتماع على قلب رجل واحد وإنشاء اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في نموذج لا نظير له في منطقةٍ لا تزال تئنُّ من ويلات التشرذم والفرقة.
وتوسّعت هذه الريادة مع النهضة الإنمائية والعمرانية التي شهدتها الإمارات في سنوات التسعينيات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي، لتشتد أكثر بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعالم سنة 2008، التي خرج منها الاقتصاد الإماراتي أقوى وأكثر قدرة على الصمود.
ومع رسوخ الريادة الإماراتية في مجالات العمارة والسياحة والتجارة، ونُضج تجربتها، توسّعت الطموحات والأهداف لتركّز اهتمامها على بناء اقتصاد قوي ومتنوع بعيدًا عن النفط، وبناء مجتمع قائم على المعرفة، مزوَّد بالمهارات والمعارف المتقدمة، قادر على تكريس الريادة الإماراتية في ساحة الثقافة وميدان المعرفة وحقل الإبداع والابتكار، وجعل الإمارات قاطرة النهضة العربية الحديثة.
ولدولة الإمارات في هذا المسعى إنجازات عديدة ونجاحات كبيرة، أحدثها استضافة المؤسسات الأكاديمية الدولية العريقة، مثل: جامعة السوربون وجامعة نيويورك، واستقدام المؤسسات الثقافية العالمية مثل متحف اللوفر ومتحف جوجنهايم؛ وإنشاء مؤسسات وطنية رائدة مثل جامعة الإمارات وجامعة زايد ومعهد مصدر، ومتحف المستقبل ومتحف زايد؛ وتنظيم فعاليات وأنشطة إقليمية وعالمية تعزّز غرس المعرفة والثقافة في المجتمع. وفضلًا عن العدد الكبير من المؤتمرات العلمية والمهرجات الثقافية ومعارض الكتب البارزة، فإن استضافة إكسبو 2020 دبي تعدُّ شهادة واضحة على المكانة الرفيعة التي أضحت الإمارات تتبوؤها عالميًّا على الساحة الثقافية والمعرفية.
وسيرًا على هذه الخطى، جاء افتتاح الصرح المعرفي الجديد «مكتبة محمد بن راشد» ليرسخّ مكانة الإمارات حاضنةً للثقافة والإبداع في المنطقة، وبوابةً معرفية تفتح أفقًا جديدًا لمستقبل الإمارات ومعه المنطقة، وتعزّز التوجه نحو اقتصاد المعرفة وفق توصيات منظمة اليونيسكو ومؤشرات البنك الدولي، الداعية إلى جعل المعرفة -لا السلع والخدمات- المحرك الأساسي للإنتاج والنمو الاقتصادي.
ومكتبة محمد بن راشد، بفضل رؤية مؤسسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، تخرج عن دور المكتبات التقليدي كمزود لمصادر والمراجع، لتصبح مركزًا للتعلم ونشر المعرفة، ومحطة للتنشيط الثقافي تقام فيها العديد من الملتقيات والندوات في شتى الفنون المعرفية والعلمية، ومكانًا لتدريب العاملين والمستفيدين على السواء في مجال البحث عن المعرفة، وهي بذلك ستندمج بشكل إيجابي وفعّال في الجهود الوطنية الشاملة لتوفير الموارد البشرية المؤهلة الداعمة لعملية الابتكار والتجديد، القادرة على نقل المعرفة واستثمارها، والمساهمة في بناء اقتصاد قوي متنوع قائم على المعرفة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية