لا شك في أنّ ارتفاع عدد الإصابات بفيروس «كوفيد-19» المُبلَّغ عنها، بات يشغل اهتمام الكثير من الحكومات، ويثير قلق الهيئات الصحية، ويُذكي مخاوف عموم الناس من العودة إلى القيود الصحية الصارمة، التي تُعيق ممارسةَ أنشطتهم الاجتماعية والمهنية والتجارية بصورة عادية.

فجائحة كورونا، برغم الاهتمام الهائل الذي لاقته مِن المعاهد الطبية وعلماء الأوبئة وشركات الأدوية، فإنها تظلّ لغزاً مستعصياً في كثير من جوانبه، وفيروساً لم تُسبر كلُّ أغواره، وخطراً قائماً لا يزال يهدّد صحةَ الناس، لاسيّما الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، والأفراد الذين لم يتلقَّوا اللقاحات المضادّة. لذا، فإن اليقظة الدائمة، والاستجابة السريعة، والالتزام المجتمعي، هي الثالوث الكفيل بالحدّ من هذا الخطر، والتصدّي لهذا الارتفاع الجديد في عدد الإصابات، ومنع خروج الأمور عن السيطرة.

وهنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنّ القطاع الصحي أثبت مراراً وتكراراً أنه الجندي الذي لا يغمض له جفن، والحارس اليقِظ الذي لا يركن إلى السكينة والاسترخاء، فقد ظلّ هذا القطاع يقِظاً ومتأهباً على مدى أكثر من عامين من دون كلل أو ملل، يعمل على تتبّع انتشار الجائحة واحتوائها، حتى إنّ عدد الفحوصات التي أُجريت منذ ظهور هذا الوباء قد بلغ أكثر من 166 مليون فحص، وهو إنجاز استثنائي على مستوى العالم.

وفي هذا الصدد ارتفع خلال الفترة الأخيرة عدد الفحوص التي تجريها الإمارات ليتجاوز متوسّطها اليومي 300 ألف فحص. وعلى مستوى الاستجابة، فإنّ تحقيق هدف الحملة الوطنية للقاح، المتمثّل في تطعيم وتحصين 100% من الفئات المستهدَفة، منح المجتمعَ منَاعَةً أقوى، وقدرةً أكبرَ على الحدّ من انتشار هذا الفيروس، والتخفيف من أعراضه الشديدة لدى المصابين. كما أنّ البُنية الصحية المتقدّمة، والكفاءات الطبيّة التي تزخر بها الدولة، تضمَن توفير أعلى معايير الرعاية لمرضى كورونا، من دون انتقاص من الرعاية المقدّمة للمرضى الآخرين.

وإلى جانب اليقظة والاستجابة، كان الالتزام المجتمعي، الفردي والمؤسّسي على حدّ سواء، من التقيّد طواعيةً بالإجراءات الاحترازية، ولبس الكمامة وتطهير اليدين وتجنُّب المصافحة بالأيدي والوجه، إلى الحدّ من التجمّعات وتقليص الطاقة الاستيعابية في المنشآت، مسهماً رئيسيّاً في الإدارة الناجحة والمتميّزة لهذه الجائحة.

وإذا كان من المعلوم يقيناً أنّ المسؤولين الصحيّين في الإمارات لن يدّخروا جهداً في البقاء يقِظين إزاء هذه التطورات الوبائية، والاستجابة لها على نحو سريع ومتناسب، فإنّ أهل الإمارات، من مواطنين ومقيمين، لا شك أنّهم لن يرضوا أن يكونوا الحلقة الأضعف في خطّ الدفاع هذا، والذي جعل من الإمارات قدوةً للعالم في إدارة الأزمات.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.