ترامب يعود للواجهة من جديد
لا يزال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يثير الجدل حتى بعد خسارته الانتخابات وابتعاده عن البيت الأبيض، ونحن كمتابعين للأحداث العالمية والولايات المتحدة التي لها تأثير على معظم دول العالم، قد سمعنا الأخبار المتداولة عن تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالية لمقر إقامة ترامب في فلوريدا، حيث جاء هذا التفتيش بموافقة من وزير العدل، وقد عُثر على صناديق يقال إنها تحتوي على وثائق سرية لمعلومات تتعلق بالأمن القومي الأميركي نقلها إلى مقر إقامته في فلوريدا، في الوقت الذي كان عليه أن يسلمها للسلطات، وبعض المصادر أشارت إلى أنه من ضمن الوثائق ما يتعلق بالأسلحة النووية، الأمر آثار غضب مؤيدي ترامب الذين أطلقوا التهديد والوعيد بسبب ذلك التفتيش.
زد على ذلك مطالب بالتحقيق مع ترامب لدوره المزعوم في أحداث اقتحام «الكابيتول هيل» بعد انعقاد لجنة التحقيق النيابية الخاصة باقتحام الكونجرس، والبعض يطالب بتوجيه تهم لدور ترامب في حشد وتوجيه الجماهير، والأمر لم ينته هنا حيث حدث مؤخراً أن تم التحقيق مع دونالد ترامب في نيويورك أمام المدعية العامة، وقد تسلح الرئيس السابق لمواجهة هذا التحقيق بالتعديل الخامس من الدستور بعدم الإجابة على عشرات الأسئلة، وكان محور التحقيق يتعلق بأخطاء في تقدير قيمة الأصول وتضليل المقرضين والسلطات الضريبية، وهذا أمر لا يستهان به إطلاقاً في الولايات المتحدة، ويعد كل ما يتعلق بالتهرب الضريبي أمراً حساساً، قد يؤدي لسجن وتغريم صاحبه واسقاطه تماماً.
البعض يربط ما يحدث مع ترامب وبين الانتخابات المقبلة، ويقول إن الهدف هو منع الرئيس السابق من الترشح، عبر حرق كل فرصه، وربما منعه بشكل قانوني من الترشح، خاصة إذا ما تم إثبات أي من التهم على ترامب، وربما يعوّل «الديمقراطيون» عل التأثيرات الكارثية على ترامب أمام بعض الأنصار أو المتذبذبين الذين سيسحبون تأييدهم. لكن هناك آخرون يعتقدون أن ما حدث مع ترامب سيرفع رصيده أمام أنصاره الذين سيتحركون لتأييده ودعمه، وهذا ما سوف يزيد من القاعدة الشعبية للرئيس السابق، حيث لا يزال يراه البعض كمخلص ومساهم في تعزيز الاقتصاد في الولايات المتحدة، لكن الديمقراطيون يدركون أهمية تحييد ترامب وإبعاده عن الحياة السياسية، إنْ وُجهت له تهم وتمت محاكمته، لكن حتى الآن لا يزال ترامب خصماً سياساً قوياً له وزنه في الشارع الأميركي، ولا نعلم ما الذي يحدث ويغير من جميع المعطيات السياسية.
إدارة الرئيس جو بايدن حققت أيضاً انتصارات في المرحلة الأخيرة، فقد تم الإعلان عن تصفية زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري بعد ملاحقته لسنوات، وهذا يعد ضربة للتنظيم وتأكيد على قدرة الولايات المتحدة الوصول لمراكز الإرهاب ولو بعد حين، وهذا الخبر الذي أعلنه الرئيس الأميركي الحالي سيسهم بلا شك لصالحه، ناهيك عما يتعلق بجهود بايدن في دعم الاقتصاد وكبح جماح التضخم والتحكم بأسعار الوقود وتحقيق وعود انتخابية تتعلق بالصحة والمناخ وغيرها، ما سيؤكد على قدرة الإدارة الحالية على الوفاء بالتزاماتها، كما يحسب لها وليس لسلفها مجابهة فايروس كورونا والحد منه.
ربما يجادل البعض أن ما يحدث من صراعات سياسية في الولايات المتحدة شأن داخلي وأن السياسة الخارجية هي ما يهمنا من هذا البلد، لكن التجربة علمتنا أن ما يحدث من صراع وتداول على السلطة ووعود انتخابية، كل ذلك سيؤثر بلا شك على علاقة واشنطن مع دول العالم، وهنا نتحدث عن تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات، لأن سياسة أميركا سبق وتغيرت في تعاطيها مع ملفات عدة، وليس آخرها قرار الانسحاب من أفغانستان.
* كاتب إماراتي