شكّل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في حدّ ذاته تجسيداً لطموح قيادتها الذي لا يعرف المستحيل، وهو ما تجلّى في تحويل التحديات إلى فُرص مشرَعة الأبواب أمام جميع فئات المجتمع الإماراتي الحريصة على الوقوف خلف قيادتها، والمضيّ بالمسيرة الإماراتية نحو مستقبل مشرق، سواء كانت الإمارات وطنهم الأم أم بلدهم الثاني.

وإيماناً من قيادتنا الرشيدة بأنّ اللغة العربية تشكّل ركيزة أساسية في بناء الأمة العربية ونهضتها، إذ هي المحور الأساس للهوية المجتمعية، والمنطلق الحقيقي للمعارف والخبرات، والآداب والفنون، فقد ركّزت على بناء الوعي بأهمية هذه اللغة وتطوير آليات استيعابها والتعبير بها، سعياً إلى تطوير واقعها، واستعادة دورها في الإنتاج المعرفي وإثراء إسهامها في الفكر والعلوم الإنسانية.

وفي هذا السياق تستضيف العاصمة أبوظبي يومَي 20 و21 ديسمبر الحالي، الدورة الأولى من قمّة اللغة العربية التي تقام تحت شعار «اللغة وصناعة الهوية»، استكمالاً للجهود الكبيرة التي تقوم بها دولة الإمارات لتقديم كلّ ما يلزم للمحافظة على اللغة العربية وتعزيزها في ظلّ التحديات التي تواجهها.

وتطرح القمّة هذا العام برنامجاً متكاملاً يسلّط الضوء على أهم القضايا والجهود التي تخدم اللغة العربية وتعزّز حضورها، كما تمهّد القمّة الطريقَ نحو تقديم المزيد من الحلول التي تسهم في الارتقاء بمكانة اللغة وإبقائها لغة العصر والحوار مع مختلف الشعوب والحضارات الأخرى، لترسيخ حضور اللغة العربية في الذاكرة الثقافية والاجتماعية، وضمان قدرتها على مواجهة التحديات التي يفرضها العصر وأدواتُه، لتبقى للأجيال الجديدة ترِكة أصيلة تعزّز ارتباطهم بهويتهم المعرفية والفكرية العربية.

وتعدّ القمة منصّة دولية تخدم قضايا اللغة العربية، وحدثاً يسهم في تعزيز حضورها ومكانتها، ويقدّم مقاربة جديدة تساعد في تطوير أساليب استخدام اللغة العربية، وتمكينها بوصفها وسيلة للتواصل واكتساب المعرفة، كما تشكّل منصّة معرفية وثقافية تجمَع تحت مظلّتها خبراء اللغة في جميع المجالات، لرسم مستقبل العربية بناءً على القراءة الدقيقة للتحديات الراهنة.

وما من شك في أن دولة الإمارات أحيت بهذه المبادرة آمالَ أبناء الوطن العربي في بناء مستقبل أفضل يُفضي إلى استئناف حضارتنا العربية من خلال تعزيز آفاق اللغة العربية ومكانتها في العوالم الجديدة، عبر جلسات حوارية تقدّم مزيداً من التجارب والرؤى والأطروحات المميزة التي تستشرف مستقبل اللغة في مجتمعاتها العربية وفي عوالمها الجديدة، انطلاقاً من السعي لتعزيز مكوّنات هويتنا المتّصلة باللغة، ولطرح المزيد من الحلول والرؤى التي تخدم ترسيخ حضورها كلغةِ تواصل حضاري مع مختلف شعوب العالم.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.