الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا هذا الأسبوع تسبب في دمار يعتصر القلب – وأدى إلى حملة دولية لإرسال المساعدة إلى المناطق المنكوبة على وجه السرعة. غير أن الذكرى الكئيبة لمرور عامين على كارثة مختلفة، لم تتسبب فيها الطبيعة، وإنما انقلاب عسكري في دولة ميانمار الديمقراطية الواقعة في جنوب شرق آسيا، تشير إلى عبرة تنطبق على الاستجابة للزلزال – وعلى درس لوسائل الإعلام الدولية أيضاً. إنه كالآتي: إن الاختبار الحقيقي لمدى التزامنا وتعاطفنا وتفانينا لن يأتي خلال الأيام القليلة المقبلة، وإنما في الأشهر القليلة المقبلة وبعدها.

الاستجابة الأولية مهمة بالطبع. ذلك أن إمكانية العمل الفعلي تكون أكبر في وقت مبكر، سواء من أجل رفع حيف سياسي أو من أجل مساعدة منكوبين ضحايا كارثة طبيعية. ثم إن الاستجابة الأولية أساسية في الزلازل بشكل خاص. إذ نادراً ما يتم إنقاذ ناجين عالقين تحت الأنقاض بعد الأيام القليلة الأولى.

غير أن مدة الاهتمام قصيرة في وسائل الإعلام، وبين الحكومات. إذ سرعان ما يتحول اهتمامها إلى مكان آخر ولا يعود إلا بشكل سريع، إما استجابةً لمأساة جديدة، أو نتيجة ضرورة تمليها الذكرى السنوية للكارثة الأصلية التي شكّلت «العنوان الرئيسي». وهذا التقلب مهمٌ بسبب ما يحدث – وما لا يحدث – حينما يتلاشى اهتمام العالم.

ولا شك أن السوريين النازحين الذين ضربهم الزلزال، والذين لا يحتاجون للإنقاذ فحسب، ولكن إلى مساعدة مستمرة أيضاً لإعادة بناء وجدانهم، يدركون هذا تمام الإدراك. إنهم يعيشون في شمال غرب البلاد، المنطقة الوحيدة التي ما زالت خارج سيطرة الحكومة السورية، وقد كانوا يكافحون أصلاً من أجل توفير ما يسدون به رمق أفراد عائلاتهم وتدفئتهم خلال شتاء قارس.

وخلال السنوات الأخيرة، عانى السوريون جراء الاضطرابات، وكانوا محور اهتمام نشرات الأخبار في البداية، وأثارت غضباً سياسياً في الغرب. ولكنها سرعان ما اختفت من نشرات الأخبار.

ثم ماذا عن ميانمار؟ الواقع أنها استأثرت باهتمام جديد خلال الأيام الأخيرة. فقد كانت هناك تعليقات في الصحف وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وعلى المواقع الإلكترونية، وكان هناك إعلان من قبل حوالي 24 حكومة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، بل إنه كان هناك قرار نادر صادر عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى العودة إلى الديمقراطية – ساعد عليه حدث نادر أيضاً يتمثل في امتناع الصين وروسيا عن التصويت بدلاً من استخدامهما حق النقض، غير أن كل ذلك كان بسبب التوقيت.

فقد مر عامان الآن على إلغاء الجنرال مين أونج هلينج للفوز الكاسح لحزب «أونج سان سو كي» «الرابطة الوطنية للديمقراطية، وعلى استيلائه على السلطة، واعتقاله للزعيمة وأنصارها البارزين، إلى جانب عدد من النشطاء والصحافيين. وعلاوة على ذلك، أصدر المجلس العسكري الحاكم سلسلة من الأحكام بالسجن في حق أونج سان سو كي، يبلغ مجموعها 33 عاماً، وشنّ هجمات جوية عشوائية في ما باتت حرباً أهليةً مع نشطاء المعارضة الذين تراجعوا إلى الأرياف بعد الانقلاب.

الاهتمام الإعلامي المستمر يؤدي أدواراً مهمة. ذلك أنه يؤكد للطرف الضعيف أن العالم لم ينسه. والمهم أيضاً أنه يُرغم الحكومات على التفكير في الكلفة السياسية، في أعين الرأي العام الدولي، المترتبة عن عدم القيام بشيء ما دفاعاً عنهم.

*صحافي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»