في شهر فبراير من كل عام، يمر على شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، احتفال دولة الكويت الشقيقة وشعبها الكريم بالأيام الوطنية المجيدة تحت المسمى الاحتفالي الشهير «هلا فبراير».
وبهذه المناسبة السعيدة، تحتفل دول وشعوب المجلس بمشاركة الكويت والكويتيين أفراحهم بهذه المناسبة الوطنية التي تجمع بين يوم الاستقلال الذي نالته دولة الكويت في 19 يونيو عام 1961 وبين ذكرى تحرير البلاد من الغزو الغاشم الذي تعرضت له في الثاني من أغسطس عام 1990م.
إن من حق دولة الكويت وشعبها أن يفرحوا بأعيادهم الوطنية، ومن حق شعوب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى أن تفرح معهم وبهم لأن فرحتهم هي فرحتنا.
وتأتي هذه الفرحة من كون الكويت قد حققت نهضة مباركة جديدة بعد أن تعرضت لدمار شديد أثّر على بنيتها التحتية وعلى عمرانها الذي أنفقت عليه مليارات الدنانير واستغرق وقتاً طويلاً، وعلى معنويات أبنائها، لكن الجد والمثابرة والإخلاص التي تعاملوا بها مع المعطيات السلبية التي مرّت بهم أعادت لهم ولوطنهم كل ما يصبون إليه، وخلقت له انطلاقة جديدة نحو مستقبل باهر أكثر إشراقاً وحيوية.
نحن في دولة الإمارات يوجد في أوساطنا جميعاً وقع حميد ومشاعر أخوية صادقة تجاه أشقائنا وأهلينا في الكويت، ونشاركهم بصدق في فرحتهم بهذه المناسبة.
إن علاقة دولة الإمارات بدولة الكويت متينة ومتميزة وذات جذور تاريخية راسخة، وقد تجلت في أسمى معانيها عندما فتحت دولة الإمارات حدودها أمام الأشقاء الكويتيين عندما تعرضت بلادهم لنكبتها واستضافت عشرات الآلاف من الأسر النازحة دون قيد أو شرط، ثم شاركت بعد ذلك في حرب تحرير الكويت عندما أرسلت الآلاف من خيرة جنودها وفلذات أكبادها الذين كانوا في الصفوف الأولى للقوات المقاتلة والتي كانت أول الداخلين إلى أراضي الكويت ومدنها.
لقد حدث ذلك دون تردد ودون قيد أو شرط أو انتظار لثمن يقبض، ولكن هي وقفة الشقيق إلى جانب شقيقه عندما يحتاج إليه وقت الأزمات.

هذه المشاعر الأخوية النبيلة الصادقة تجاه الكويت وشعبها لم تأتِ من فراغ، أو هي كسحابة الصيف العابرة، بل إن لها جذوراً عميقة فيها عرفان بالجميل لما قدمته دولة الكويت في الماضي من مساعدات ودعم مقدر في مجالات التعليم والصحة عندما كانت المنطقة في أمسِّ الحاجة إليها في خمسينيات وستينيات وبداية سبعينيات القرن العشرين في مرحلة ما قبل قيام الدولة الاتحادية.
لقد دشن مشروع المساعدات ذاك في زمن حكم المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت الأسبق. في تلك الفترة أنشأت الكويت العديد من المدارس والعيادات والمستوصفات والمستشفيات في الإمارات على يد حكومة الكويت التي تولت الإنفاق عليها إلى أن تسلمتها منها الحكومة الاتحادية بعد قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971.
والحق يُقال بأن شهادة كاتبكم عن الكويت وإسهاماتها الأولى في قضايا التنمية في الإمارات تعتبر مجروحة، فهو أحد الذين تعلموا من المرحلة الابتدائية وحتى نهاية المرحلة الجامعية من البرامج التي وضعتها الكويت للمنطقة.
والحقيقة أن الكويت لم تبخل على أية دولة عربية، فقد تعاملت مع العرب في مختلف أقطارهم على أنهم أمة واحدة وإن فرقتهم الحدود السياسية - الجغرافية والمواقف السياسية، وهي تنظر دائماً إلى المستقبل وبأنه يبشر بالخير للعرب جميعاً، وهو الكفيل بأن يدفعهم نحو الائتلاف والتكامل، ويجمع كلمتهم على المودة وبناء حضارتهم الجديدة التي يخدمون من خلالها أنفسهم والبشرية جمعاء.
ومن هذه المنطلقات ترتبط الكويت بدول وشعوب العالم العربي والشعوب الأخرى كافة بصلات أصيلة وروابط راسخة ومتينة قوامها تحقيق الأمن والسلام والوئام في المنطقة العربية أولاً ثم على صعيد العالم أجمع.
ونحن إذ نهنئ أشقائنا في دولة الكويت بأيامهم الوطنية المجيدة التي شهدناها قبل أيام، نتمنى من قلوبنا وعقولنا وأفئدتنا للكويت وشعبها المزيد من الرخاء والعيش الرغد الآمن، وكل عام وهم بألف خير وحفظ الله الكويت وشعبها من كل سوء، وجعل أيامهم خير وفرحة وبركة.
*كاتب إماراتي