خالد في ذاكرة التاريخ الإنساني سيظل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، لأنه سطّر اسمه في سفر الخلود، رمزاً للعطاء بلا حدود ورائداً من روّاد الإحسان ليس على مستوى وطنه وأمته فحسب، بل على مستوى العالم كلّه من مشرقه إلى مغربه، وأيقونة لنبيل الخلق والجود بلا منّة والحرص على تكريم الإنسان وإغاثة لهفته وتلبية حاجته من منطلق واحد فقط هو احترام إنسانيّته وتكريم آدميّته، دون اعتبار لفوارق العرق واللون والمعتقد واللغة.

والشواهد على عطاء الشيخ زايد ماثلة أينما يمم المرء وجهه، إذ لا يكاد مكان على وجه البسيطة إلا ووصلت إليه أياديه البيضاء وتركت فيه أثراً طيباً ينفع الناس ويمكث في الأرض، ويضرب أروع الأمثلة في كيف يمكن للإنسان أن يحافظ على سلامة فطرته ونقاء سريرته وصفاء نفسه برغم عظم المسؤوليات، وكثرة المشاغل، وفي الحرص على مدّ يد العون والمساعدة لكل من يحتاج إليهما، حتى صار مثالاً يأتمّ به الساعون للخير ونبراساً يهتدي به السائرون على دروب عمارة الأرض والعاملون لتحقيق مراد الله عليها.

وعندما نحتفل في دولة الإمارات بيوم زايد للعمل الإنساني، الذي يوافق التاسع عشر من رمضان من كلّ عام، فإننا وإلى جانب تكريم صاحب الذكرى العطرة، واستذكار عطائه ومآثره واستلهام فكره العظيم، نكرّس نهجاً اختطه ونسير على درب رسمه ونتمسّك بما أرساه من قيم نبيلة ترتكز على حب البذل والعطاء، وتهدف بشكل أساسي إلى توفير الحياة الكريمة للإنسان وتسخير الموارد والإمكانات لمصلحته، ولا تدّخر جهداً في سبيل دفع شبح الفاقة والحاجة عنه، ليظل هذا اليوم على مرّ الدهور مناسبة لإحياء سنّة حسنة سنّها زايد، ومحطة نشحن فيها الهمم ونجدد العهد معه على أن نسير على هدى رؤيته، لتظل الإمارات كما أراد لها أن تكون.

أولى الشيخ زايد ورغم مشاغل السياسة والحكم، القضايا الإنسانية والخيرية اهتماماً كبيراً وأفرد له حيّزاً مهمّاً في فكره، وجعل العمل الإنساني والخيري واحداً من الثوابت في عقيدته ومبادئه، فأصبح رمزاً للعطاء ومثالاً للسخاء، وها هي أعماله ومنجزاته اليوم تؤتي أكلها في تخفيف معاناة الكثير من شعوب العالم، فتوفّر الدواء للمرضى والتعليم للفقراء والمحتاجين، وسبل العيش الكريم لمن كانوا لا يستطيعون إليه سبيلاً، وتؤكّد أنّ ذكراه العطرة ستبقى حاضرة في وجدان البشريّة كلّها عرفاناً بجميل صنيعه.

بفضل زايد، وبفضل حرص قيادتنا الرشيدة على تكريس نهجه، غدت الإمارات في صدارة دول العالم من حيث تقديم المساعدة لكل من يحتاجها، ومن السباقين دائماً في تلبية نداء الإنسانية، وأبناؤها اليوم يجددون في ذكرى معلّم الخير عهدهم بأن يحافظوا عليها واحة خير ويداً مبسوطة بالعطاء.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.