تعكس المبادرة المهمة لـ«جامعة أبوظبي» حول المبادئ التوجيهية التي تُنظِّم الاستفادة من تقنية «شات جي بي تي» في مجال التعليم، السمات التي تميز المؤسسات الإماراتية عمومًا، والمؤسسات التعليمية بشكل خاص، من حيث الريادة والقدرة على استشراف جوانب مهمة للتطورات التقنية الجديدة التي يجب الالتفات إليها، وذلك انطلاقًا من خبرات رفيعة متراكمة في مجالَي التكنولوجيا والتعليم معًا. كما تُظهر المبادرة الأفقَ الاستشرافي الذي يحكم التفكير في مجال حيوي وضعته الدولة في صدارة أولوياتها، هو مجال التعليم.
وتسعى مبادرة «جامعة أبوظبي» إلى مساعدة الطلبة وأعضاء هيئة التدريس على الاستثمار الأفضل لتقنية «شات جي بي تي» التي يُنظَر إليها بوصفها تحولًا نوعيًّا في مجال التكنولوجيا، وضمان الاستخدام الأخلاقي والمسؤول لهذه الأداة الجديدة، من خلال مجموعة من المبادئ التوجيهية التي عكف على تحديدها وصياغتها عدد من أساتذة الجامعة ومسؤوليها.
ويشير استقراء هذا التطور إلى عدد من الحقائق؛ أولها مسارعة المؤسسات التعليمية في الدولة إلى الاستفادة من آخر التطورات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فهذه الأداة الجديدة التي أُطلِقت في نوفمبر 2022، وجدت طريقَها إلى الجامعة بعد وقت قليل من ظهورها، ما يشير إلى حيوية النظام التعليمي وحداثته، ومواكبته لأحدث التقنيات.
ومن بين هذه الحقائق أيضًا توافر الفهم الشامل لمتطلّبات التطور التقني، وأن الجانب التنظيمي من أهم الجوانب التي يجب أن تكون حاضرة على الدوام، وأن قواعد الاستخدام الأخلاقي والآمن والمنضبط للتكنولوجيا ضمانة للاستفادة الكاملة من إيجابياتها، وتقليل فرص التعرّض لسلبياتها ومشكلاتها.
ولا شكّ في أن هذا الفهم لضرورة التنظيم والتشريع، يعود إلى وعي عام ومستقرّ رسّخته ممارسات دولة الإمارات، إذ اهتمّت بوضع التشريعات الناظمة للمجالات الجديدة التي امتدت إليها المعرفة الإنسانية، ويظهر ذلك في قوانين رائدة، من بينها قانون الفضاء الإماراتي الصادر عام 2019، لتكون الدولة بذلك واحدة من الدول القليلة في العالم التي تسن تشريعًا في مجال الفضاء.
ولا تقتصر أهمية مبادرة «جامعة أبوظبي» على محتواها فحسب، بل تتعدى ذلك إلى كونها تفتح المجال أمام جهات أخرى في الدولة لمناقشة هذه المبادئ التوجيهية التي أقرتها الجامعة، وتطويرها والإضافة إليها، من خلال حوار مجتمعي أوسع يسهم فيه مجتمع إيجابي داعم لكل الجهود الجادة ومُقدِّر لها.
وتؤكد هذه المبادرة وغيرها قوة مجتمع الإمارات وحيويته، ورسوخ مبدأ الابتكار في كل القطاعات، والتفاعل الخلاق والواعي مع التطورات الجديدة، على النحو الذي ينعكس في ما تحققه الدولة من إنجازات لا تتوقف، وما تحرزه من مكانة إقليمية ودولية متنامية، في مسيرتها المصمِّمة نحو هدفها في أن تكون أفضل دولة في العالم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية