«يوم زايد للعمل الإنساني»، مناسبة سنوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم الاحتفاء بها كل عام يوم التاسع عشر من رمضان. سمي هذا اليوم على اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الأب المؤسس لدولة الإمارات، للتذكير بعمله الخيري والإنساني.

إن أهمية هذا اليوم تتعدى مجرد الاحتفال بذكراه وتشجيع الأفراد والمنظمات على الانخراط في الأنشطة الإنسانية للالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والعمل الخيري والتطوع، بل يقوم هذا اليوم على تعزيز الدبلوماسية الإنسانية، للمساهمة في حل الأزمات، لا سيما في أوقات الكوارث. إن مساعي الدبلوماسية الإنسانية قبل مساهمتها في حل الأزمات، تتماشى في الوقت نفسه مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على الهدف رقم 1 (القضاء على الفقر) والهدف 2 (القضاء على الجوع). وفي ظل تزايد الأزمات الدولية من حروب وصراعات وكوارث طبيعية، أصبح من الضروري توسيع نطاق العمل الإنساني العالمي للتخفيف من معاناة المتضررين.

فقد شاهدنا في فبراير 2023، محصلة الضحايا من زلزال تركيا وسوريا، التي تجاوزت 41 ألف قتيل، وقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نداءً طارئاً لجمع نحو 400 مليون دولار، لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا على مدى 3 أشهر وكذلك مساعدات لإنقاذ حياة 5.2 مليون شخص في تركيا بقيمة مليار دولار حتى الشهر الجاري. وقد كان دور دولة الإمارات فعالاً ليس فقط في العمل الإنساني والإغاثي، بإغاثة سوريا وتركيا بعملية «الفارس الشهم»، بل بحنكتها في الدبلوماسية الإنسانية. بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، تعززت الدبلوماسية الإنسانية من خلال الجهود الإغاثية، مما أدى إلى تقارب عربي مع سوريا وتركيا.

وقادت الإمارات هذا الحراك العربي من خلال الدبلوماسية الإنسانية، وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أهمية إعادة سوريا إلى أشقائها، وذلك في أول موقف رسمي معلن لزعيم عربي، وتم تفعيل الدبلوماسية الإنسانية من خلال الجهود الإغاثية المستمرة جراء زلزال فبراير الماضي، والحث على الدعم الاقتصادي لإعادة إعمار المناطق السورية المتضررة. وبفضل هذه الجهود، تم إزاحة الخجل السياسي وتيسير فتح الأبواب للاتصالات والزيارات بين سوريا والعرب، وكذلك تركيا.

وهذا النهج أدى أيضاً إلى تقارب مصري- سوري- تركي، حيث صرحت مصر بأن الهدف من الزيارات هو إبداء الدعم والتضامن الإنساني بعد الزلزال الذي ضرب البلدين، ولكن المضمون للزيارتين هو بدء تذويب الثلوج في العلاقات الدبلوماسية. يتضح أن الدبلوماسية الإنسانية تعد أداة قوية في حل الأزمات، وركيزة أساسية في بناء العلاقات الدولية المتينة والمستدامة، خاصة في أوقات الكوارث والحروب.

ومن خلال «يوم زايد للعمل الإنساني» وجهود دولة الإمارات الرائدة في هذا المجال، تستمد الدبلوماسية الإنسانية مبادئها لدعم استراتيجية «تصفير المشكلات» و«حلحلة الأزمات» لتخفيف معاناة الشعوب المتضررة، وبالتالي هذا يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لتحسين الحالة الإنسانية في المناطق المتضررة.

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي